أمين البحوث الإسلامية: منهج علمي يجمع بين الشريعة والمعرفة في التعامل مع النوازل الفقهية

ألقى الدكتور محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، اليوم الثلاثاء، كلمة في حفل تدشين المشروع العلمي المشترك بين مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف ووكالة الفضاء المصرية، والذي يهدف إلى دراسة النوازل الفقهية المتعلقة بأحكام الفضاء.

وفي كلمته، أشار الجندي إلى أن الأزهر الشريف، باعتباره المؤسسة العلمية الأعرق في تاريخ الإسلام، لا يزال حاضرًا في قلب المشهد المعرفي والكوني، حيث يؤدي دوره الفكري والشرعي في زمن تتسارع فيه علوم الفضاء، وتظهر مستجدات غير مسبوقة تتطلب اجتهادًا أصيلاً يربط بين الوحي والعقل، وبين الشريعة والمعرفة.

وأضاف الجندي أن اهتمام الأزهر بعلوم الفلك والكون ليس طارئًا، بل هو امتداد طبيعي لدوره الحضاري المتجذر منذ قرون، إذ تعامل علماؤه مع السماء بوصفها كتابًا مفتوحًا من كتب الله، وتفاعلوا مع الظواهر الكونية تدبرًا وتفكرًا، مثل العطار والجبرتي والدمنهوري والفلكي وغيرهم، مشيرًا إلى أن التراث الأزهري مليء بمخطوطات فريدة، بعضها أُدرج في سجل ذاكرة العالم التابع لليونسكو، لما يحتويه من تحليل دقيق لحركة الكواكب وميكانيكا الكون.

وأكد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية أن الأزهر الشريف يواصل هذا النهج الحضاري اليوم من خلال منهجية علمية رصينة في التعامل مع النوازل الفقهية المعاصرة المتعلقة بالفضاء، مشددًا على أن الشريعة الإسلامية، بمنظومتها القائمة على الاجتهاد المنضبط والقياس العقلي والاستنباط الرشيد، تمتلك من المرونة والعمق ما يؤهلها لمواكبة التحولات الكبرى في حياة الإنسان، سواء على الأرض أو في الفضاء الخارجي.

كما شدد على أن الواقع الجديد الذي يفرضه العيش في المحطات الفضائية أو نقل الإنسان خارج حدود الأرض يستوجب اجتهادًا فقهيًا دقيقًا يتعامل مع أسئلة مثل: كيف أُصلي؟ أين أتجه؟ ما حكم الزكاة على الثروات الفضائية؟ كيف تُضبط الأخلاقيات العلمية خارج كوكب الأرض؟

وأوضح أن الأزهر الشريف لم يكتفِ بالطَّرح النظري، بل أطلق فتاوى معاصرة وأعد دراسات علمية رائدة وشارك في الندوات العالمية، واضعًا نصب عينيه أن السماء لم تعد بعيدة، وأن الشريعة التي نزلت منها قادرة على مواكبة الإنسان حيثما حل في ملكوت الله.

وتابع قائلاً: «حيثما ارتحل المسلم، تصحبه شريعته برخصها وتيسيرها، لتجعل من كل مدار محرابًا، ومن كل كوكب ميدانًا جديدًا لطاعة الله، فالدين لا يُقيد بمكان، والعبادة لا تنحصر في الأرض»

ونبَّه إلى أهمية تفعيل الفقه الافتراضي الذي وضع أسسه أوائل الفقهاء، مشيرًا إلى أن الأزهر أسس لمنهجية علمية تجمع بين الوحي والواقع، وبين المقاصد الشرعية والحقائق الكونية، والأحكام الفقهية وفق واقع الفضاء ومقتضى حاله.

اختتم الجندي كلمته بالتأكيد على أن التعاون العلمي مع وكالة الفضاء المصرية يعد خطوة استراتيجية في تحويل هذا الطرح الفقهي إلى واقع معرفي ملموس، مشيرًا إلى أن الأزهر يثبت بهذا التعاون أن رسالته بحجم الكون، وأن الإسلام رسالة حضارية لا تحدها الأرض، بل تمتد إلى آفاق الوجود كله رأسًا وأفقًا، وأن تشريعات الإسلام تناسب الكون كله من الذرة إلى المجرة.

انطلاق فعاليات تدشين مشروع دراسة النوازل الفقهية حول أحكام الفضاء بالتعاون بين “البحوث الإسلامية” ووكالة الفضاء المصرية.

انطلاق فعاليات تدشين مشروع دراسة النوازل الفقهية حول أحكام الفضاء بالتعاون بين “البحوث الإسلامية” ووكالة الفضاء المصرية.