المؤتمر الدولي العاشر لدار الإفتاء: تعزيز التفكير النقدي والوعي الرقمي لدى المفتين الشباب

نظم مركز سلام لدراسات التطرف ومكافحة الإسلاموفوبيا، اليوم الأربعاء، ورشة عمل بعنوان «تعزيز مهارات التفكير النقدي والوعي الرقمي للمفتين الشباب» خلال ثاني أيام المؤتمر الدولي العاشر لدار الإفتاء والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، وذلك بهدف ترسيخ مبدأ «التفكر قبل التبنّي» ومواجهة التلقّي السلبي للأفكار، بالإضافة إلى تمكين المفتين من أدوات تحليل المحتوى واكتشاف المغالطات المنطقية في الخطاب العام، وبناء قدرات فكرية ورقمية لمواجهة الخطاب المتطرف والمعلومات الملفقة، ومواجهة حملات التشويه والتضليل المرتبطة بالمؤسسات الدينية والمفاهيم الإسلامية.

أدار الورشة الشيخ مصطفى يوسف سباهيتش، مفتي بلجراد، بينما كان أمين السر حسن محمد، المدير التنفيذي لمركز سلام لدراسات التطرف ومكافحة الإسلاموفوبيا.

حضر الورشة عدد من المسؤولين ورجال الدين والمختصين وخبراء الأمن الرقمي ورؤساء مراكز الأبحاث والدراسات، من بينهم الشيخ محمد رضا، نائب رئيس جمعية الدعوة الإسلامية بالهند، والدكتور نادر عقاد، إمام مسجد روما الكبير، والشيخ محمد يس خان، عضو مجلس الإفتاء الشرعي ومدير مؤسسة الإمام الحسين (هولندا)، والدكتور رضوان السيد، أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية.

كما كانت هناك مشاركة للدكتورة إيمان رجب، الخبير الاستشاري في الاتحاد الأفريقي ورئيس الوحدة الأمنية في مركز الأهرام للدراسات، والمستشار محمد مرعي، عضو المكتب الفني لوزير العدل ومركز الدراسات القضائية والمتخصص في الأمن السيبراني، والدكتورة رِهام سلامة، مدير مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، واللواء حازم حنفي، خبير الأمن السيبراني والجرائم الإلكترونية، والدكتورة مروة مدحت، رئيس قسم كشف الجريمة وأستاذ الفارماكولوجي المساعد بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، والدكتورة هبة عاطف، مدرس الإعلام بالمركز القومي للبحوث والمتخصصة في دراسات الدعاية المتطرفة، بالإضافة إلى أمناء الفتوى بدار الإفتاء مثل الشيخ عبدالله عجمي حسن والدكتور عبدالله محمد حسن حميدة والشيخ محمد كمال أحمد محمد والشيخ هاني عبدالصادق سيد أحمد والشيخ محمود خالد محمود أحمد الطحان والشيخ أحمد صالح محمد على عثمان والشيخ عبدالرحمن محمد محمد أنور شلبي والشيخ أحمد عبدالحليم محمد إسماعيل خطاب.

تضمنت الورشة مداخلات تناولت مجموعة من القضايا، أبرزها التفكير النقدي في مجال الإفتاء والوعي الرقمي ومهارات التعامل مع المنصات، من خلال تحليل الخطاب الديني على الإنترنت وفهم آليات مخاطبة الجمهور الرقمي من حيث اللغة والشكل والتوقيت، وكذلك إدارة السمعة الرقمية للمفتي والمؤسسة.

كما ناقشت الورشة موضوع التطرف الرقمي والمحتوى التضليلي، عبر مناقشة كيفية صناعة الجماعات المتطرفة لمحتواها الرقمي وآليات كشف المحتوى المضلل والتعامل معه، ودور المفتي في بناء حصانة معرفية ضد الفكر المتطرف، فضلاً عن الفرص والتحديات المتعلقة بالفتوى في العصر الرقمي.

استهل الشيخ مصطفى يوسف سباهيتش، مفتي بلجراد، كلمته بالثناء على دار الإفتاء المصرية ودورها في مناقشة قضايا الأمة بكل اهتمام، كما شدد على أهمية مؤتمر «صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي» وورشة عمل «تعزيز التفكير النقدي والوعي الرقمي للمفتين».

من جانبها، أشارت الدكتورة إيمان رجب إلى أن الذكاء الاصطناعي لا يقتصر على شات جي بي تي، فهناك أدوات أخرى تم تطويرها من خلال شركات التكنولوجيا، منها شركات وطنية تساعد على رفع مستوى الأداء وتحليل البيانات الضخمة وجمع البيانات على وسائل التواصل الاجتماعي.

وأكدت أن الذكاء الاصطناعي لن يحل محل المفتي، فليست المسألة بهذه البساطة، وهناك أبعاد أخرى للعلاقة بين الإفتاء والذكاء الاصطناعي، حيث يتعرض المفتي مثل أي مواطن للشائعات والمحتوى المغلوط والمتطرف.

قدمت الدكتورة إيمان مجموعة من التوصيات التي تساعد في تمكين المفتي، أولها إطلاق برنامج رقمي ذكي لتنمية قدرات المفتين باعتبارهم الأكثر تعرضًا للمحتوى، ومن المهم استخدام الأدوات التي يتم من خلالها التحقق من المعلومات، وكذلك إطلاق دليل تدريبي لتزويد وعي المفتي في هذا الواقع المتطور.

بدوره، دعا المستشار القاضي محمد مرعي، دار الإفتاء المصرية إلى مواكبة التطور الخاص بتنظيم خوارزميات الذكاء الاصطناعي، وإنشاء إدارة لمتابعة المحتوى الرقمي المولد بالذكاء الاصطناعي لخطورة ذلك مجتمعيًا، مشيرًا إلى أن العالم يعاني بشكل كبير من مشكلات مجتمعية كالإسلاموفوبيا التي تسيطر على عقول الغرب بفضل السوشيال ميديا والذكاء الاصطناعي، وهو ما يدفعنا إلى ضرورة التحرك بشكل أكبر.

أما الدكتورة رِهام عبدالله سلامة، مدير مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، فقد أكدت أن الأمية ليست مجرد أمية القراءة والكتابة ولكنها أمية الفهم، مشددةً على أن تعزيز الوعي الرقمي للمفتين الشباب ضرورة ملحة في هذا الزمن، حيث أصبح الفضاء الرقمي جزءًا أساسيًا من حياتنا اليومية.

قالت الدكتورة رهام إن الجماعات لا تقدم طرحها المتشدد بشكل مباشر، بل تبدأ بمحتوى ديني عام ثم تأخذ المستهدف إلى حلقة متطرفة، وهنا تأتي أهمية «الدراسة قبل التوجيه» أو الفهم قبل الحكم، أي «التفكير النقدي»، وهو ما يتطلب أن يكون المفتي قادرًا على التعامل مع أدوات العصر.

سلطت الضوء على نتائج «شات جي بي تي»، باعتبار أغلبها مزيفة في شكل أكاديمي منظم تدور حول الإجابة الصحيحة فقط، ولا تعطي الإجابة السليمة التي يمكن الاعتماد عليها في أمور حياتنا مثل الفتوى، وهو ما يتطلب تعاون المؤسسات الدينية والمراكز البحثية لرصد المعلومات المغلوطة بدقة باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، وكذلك إعداد دليل شامل للمفتين الشباب يحتوي على دراسات حالة من تجارب ناجحة للاسترشاد بها في هذا الواقع المتغير.

أوصى الدكتور رضوان السيد، أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية بضرورة متابعة المحتوى الرقمي كجزء تقني وآخر شرعي، مشددًا على أن رجال الدين لديهم أربع مهمات؛ الأولى: رعاية وحدة العقيدة والعبادة، والثانية: التعليم الديني، والثالثة: الفتوى، والرابعة: الإرشاد العام، مشيرًا إلى أن العالم تعرض في المائة عام الأخيرة لتحديات شديدة في مسألة الإرشاد العام

تطرق الدكتور عبدالله العجمي، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إلى مسألة تأهيل المفتي للتعامل الرشيد مع الذكاء الاصطناعي، مع أهمية وجود ثقافة واعية لدى المستفتي حتى لا يقع فريسة للتأثيرات الضارة.

أكد الشيخ هاني عبدالصادق، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أهمية أن يكون المفتي قادرًا على فهم السياق والواقع، وهو ما يميزه عن الذكاء الاصطناعي غير القادر على القيام بهذه المهمة، مناديًا بالعمل على ضرورة تنظيم الإعلام وعدم تلقّي الخبر دون البحث عن مصادره وأصله من مراجع عدة للتأكد من مصداقيته وصحته.

في هذا السياق، أشار الدكتور محمود الطحان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إلى وجود نماذج مضللة للذكاء الاصطناعي لا تراعي السياقات العامة، وهو أمر تم الوصول إليه بالتجربة في أمور الفتوى، ما يعني أهمية تسليح المفتي بسلاح التحليل والنقد.

مركز سلام لدراسات التطرف ومكافحة الإسلاموفوبيا يبحث آليات تعزيز التفكير النقدي والوعي الرقْمي للمفتين الشباب
مركز سلام لدراسات التطرف ومكافحة الإسلاموفوبيا يبحث آليات تعزيز التفكير النقدي والوعي الرقْمي للمفتين الشباب
مركز سلام لدراسات التطرف ومكافحة الإسلاموفوبيا يبحث آليات تعزيز التفكير النقدي والوعي الرقْمي للمفتين الشباب.