هل يمكن أن يسبق الخيال الفني الواقع لعقود طويلة؟ وهل تتحول مشاهد السينما إلى أحداث حقيقية تُعاد في الحياة؟ هذا ما يتبادر إلى الذهن عند النظر إلى التشابه الغريب بين فيلم «غرام الأفاعي» الذي عُرض في عام 1988، وما حدث مؤخرًا في قرية دلجا بالمنيا من جريمة أثارت الرأي العام تحت عنوان «الموت الغامض».

في الفيلم الذي أخرجه الراحل حسام الدين مصطفى، يقرر عاشقان التخلص من عقبة زوج البطلة عن طريق دسّ سم مركب حديث لا يترك أثرًا، فيموت الزوج بشكل هادئ وكأنه توفي وفاة طبيعية، لكن الطمع والشك يدفعان العاشقين بعد ذلك لتبادل السم نفسه، ليلاقيا نفس المصير.

وبعد مرور 37 عامًا، يتكرر المشهد بشكل مأساوي في دلجا، حيث فقد أب وأطفاله الستة حياتهم تباعًا بعد أعراض تسمم غامضة، ومع تصاعد الجدل والشائعات، كشفت التحقيقات أن زوجة الأب هي من وضعت مبيدًا حشريًا جديدًا في الخبز، انتقامًا من «ضرّتها» بعد أن أعاد زوجها زوجته الأولى إلى عصمته.

الدكتور محمد إسماعيل حافظ، أستاذ علم السموم الإكلينيكية بجامعة المنيا، وصف الواقعة بأنها تحدٍّ للمجتمع الطبي بأسره، بسبب غرابة الأعراض التي استمرت من عدة أيام إلى أسبوع كامل قبل الوفاة، وهو ما يختلف عن الحالات المعتادة للتسمم.

وأوضح أن المادة المستخدمة تُدعى «الكلور فينابير»، وهي من المبيدات الحديثة شديدة السُمّية، ولا يظهر أثرها في التحاليل العادية، كما أنه لا يوجد لها ترياق معروف حتى الآن، ولم تُسجل إلا حالات نادرة مشابهة عالميًا، أبرزها في باكستان عام 2016.

هكذا التقت الدراما بالواقع؛ حيث تحول خيال الشاشة إلى جريمة دموية سُطّرت فصولها في قرية صعيدية، ليبقى السؤال المطروح: هل كانت «غرام الأفاعي» مجرد دراما؟ أم أنها كانت نبوءة سبقت أحد أبشع فصول الجرائم العائلية في مصر؟