في قرية صغيرة بالمنوفية، خلف باب خشبي قديم، يعيش «رمضان»، شاب يبلغ من العمر 33 عامًا من ذوي الهمم، حيث لم يعرف في حياته سوى أربعة جدران ضيقة، وأم عجوز أرهقتها الأيام ولم تعد قادرة على رعايته أو التخفيف من وحدته.
بدأت القصة منذ أكثر من 23 عامًا، حين اكتشفت الأم خضرة مسعود أن ابنها يعاني من إعاقة ذهنية جعلته من ذوي الاحتياجات الخاصة، مما جعل حياته تختلف تمامًا عن بقية الأطفال، فلم تستطع الأسرة البسيطة تحمل تكاليف علاجه أو توفير احتياجاته الخاصة، ومع مرور الوقت، أصبحت خضرة عاجزة عن السيطرة على تحركاته، فاضطرت إلى حبسه في غرفة صغيرة ملحقة بالمنزل، والتي وصفتها بأنها تشبه «عشة فراخ».
وقالت الأم لـ «إقرأ نيوز»: «ابني من ذوي الاحتياجات الخاصة ومحبوس من يوم ما كان عنده 10 سنين، كنت أخاف عليه من الشارع ومن نفسه، ما كانش قدامي حل غير إني أحطه في الأوضة دي».
وأضافت أم الشاب رمضان: «أنا اللي باكله وأشربه من شباك الغرفة، نفسي أفتحه وأشوفه عايش حياة زي باقي الشباب، بس أنا مش قادرة، لو طلع للشارع محدش هيعرف يسيطر عليه أو يرعاه زي ما كنت بعمل السنين دي كلها، أنا تعبت خلاص، صحتي ما بقتش زي الأول، وبقيت خايفة أموت وهو يفضل محبوس من غير ما حد يسأل عنه».
وتابعت: «رمضان الذي عاش طفولته ومراهقته داخل هذه الغرفة لم يعرف معنى المدرسة أو اللعب مع زملائه، لم يشارك في أي مناسبة، ولم ير النور إلا من شباك صغير تطل منه أمه عليه وهو يتلقى طعامه أو بعض المياه».
وأوضحت الأم: «قلبي بيتقطع كل مرة أسمع ولاد الجيران بيضحكوا أو بيروحوا المدرسة، وأنا ابني مش قادر حتى يشوف الشارع، هو محروم من أبسط حقوقه في الحياة، أنا عاوزة أي مسؤول يسمع صوتي، ياخده دار رعاية يعيشه حياة كريمة قبل ما أموت، نفسي أطمن إنه لقى مكان يرحمه من الوحدة اللي عاش فيها السنين دي كلها».
وأكدت الأم أن نجلها يحتاج إلى رعاية خاصة لا تستطيع هي توفيرها الآن، وأشارت إلى أن «وضعه الصحي والذهني يتطلب متخصصين وأماكن مجهزة، وهو ما تفتقده أسرتها البسيطة التي بالكاد توفر قوت يومها، تقول أنا مش عاوزة حاجة من الدنيا غير إني أطمن على ابني، أنا محرومة من حضنه، محرومة من إني أشوفه بني آدم عادي، نفسي الناس تعرف إن وراه أم قلبها محروق، ونفسي حد من المسؤولين يسمعني».
وفي ختام حديثها لـ «إقرأ نيوز» قالت: «أنا عشت حياتي كلها علشانه، ومش عاوزة غير أشوفه في مكان آمن وسط ناس تفهم حالته وتعامله بإنسانية، نفسي قبل ما أموت أشوف ابني عايش حياة آدمية، ربنا يكتب له نصيب يعيش زي باقي البشر».