استعرضت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي تقريرًا حول جهودها لدعم مربي الثروة الحيوانية في مصر، وذلك بهدف تعزيز هذا القطاع وزيادة إنتاج اللحوم والألبان الآمنة لضمان صحة المواطنين.
وقال علاء فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، إن تحقيق الأمن الغذائي في قطاع الثروة الحيوانية يأتي في مقدمة أولويات الوزارة، مشيرًا إلى أن هذه الجهود تعتمد على استراتيجية شاملة تشمل جميع جوانب الإنتاج، بدءًا من الدعم المالي والفني للمربين، وصولًا إلى ضمان جودة المنتج النهائي من خلال توفير الأعلاف والتحسين الوراثي.
وأكد الوزير أن هناك جهودًا كبيرة قد بُذلت لتطوير البنية التحتية لقطاع الثروة الحيوانية، مثل تحديث مراكز تجميع الألبان واستخدام قواعد بيانات دقيقة لترقيم الثروة الحيوانية، مما يسهم في زيادة الإنتاجية وتحقيق نمو إيجابي، لافتًا إلى أن هذه الجهود تأتي بالتعاون مع الجهات الحكومية والقطاع الخاص، الذي يعد شريكًا أساسيًا في جهود التنمية، بالإضافة إلى دعم مربي الثروة الحيوانية، خاصة الصغار منهم، بما يتماشى مع خطط الدولة لتحقيق التنمية المستدامة.
وأشار وزير الزراعة إلى أن الوزارة تدرك أهمية دعم صغار المربين، الذين يمتلكون حوالي 70% من الثروة الحيوانية في مصر، كعنصر أساسي لتحقيق الأمن الغذائي وتنمية هذا القطاع الهام، موضحًا أن استراتيجية الوزارة تشمل توفير الدعم الفني والمالي واللوجستي لزيادة الإنتاج وتحسين العائد الاقتصادي، مما يساهم في رفع نصيب الفرد من البروتين الحيواني وتوفير كوب لبن آمن.
ووفقًا لتقرير مشترك صادر عن قطاع تنمية الثروة الحيوانية والداجنة بالتعاون مع مركز البحوث الزراعية، فقد حققت الوزارة تقدمًا ملحوظًا في تنمية قطاع الثروة الحيوانية في مصر من خلال العديد من المحاور الهامة.
ويأتي في مقدمة أولويات الدعم الذي تقدمه الدولة لهذا القطاع المبادرات التمويلية، حيث قدم البنك المركزي المصري قروضًا ميسرة بفائدة متناقصة 5% لمشاريع الثروة الحيوانية بتوجيهات رئاسية، ومن أبرز هذه المبادرات المشروع القومي للبتلو، الذي نجح في تمويل أكثر من 10 مليارات و53 مليون جنيه، مستفيدًا منه حوالي 45.1 ألف شاب ومربي، مما أتاح لهم تربية وتسمين نحو 522 ألف رأس ماشية.
وأوضح التقرير أن التغذية والأعلاف تمثل حوالي 70% من تكاليف الإنتاج، لذا حظي هذا الملف باهتمام خاص، حيث شهد القطاع تطورات ملحوظة مثل تدبير العملات الأجنبية اللازمة لاستيراد خامات الأعلاف، وزيادة الإنتاج المحلي، بالإضافة إلى التوسع في الزراعات التعاقدية وزيادة المساحات المزروعة بالمحاصيل العلفية، مع توفير الدعم التقني والتشجيعي للمزارعين، وتنفيذ برامج تدريبية مكثفة لهم.
كما شملت تلك الجهود تطوير تقاوي وأصناف المحاصيل العلفية لزيادة إنتاجيتها وتقليل احتياجاتها من المياه، واستنباط أصناف علفية غير تقليدية تتحمل الملوحة، واستغلال المخلفات الزراعية وتحويلها إلى مواد علفية عالية القيمة، مع تسجيل مخاليط الأعلاف، وتشجيع الاستثمار في صناعة الأعلاف، مما ساهم في استقرار أسعار الأعلاف وزيادة إنتاج اللحوم والألبان.
وقد حقق ملف التحسين الوراثي للماشية نتائج إيجابية، حيث تبنت الوزارة برامج للتحسين عبر الخلط والتهجين، مع التركيز على الجاموس المصري، ووفقًا لإحصائيات الوزارة، فقد ارتفع عدد رؤوس الجاموس من حوالي 1.3 مليون رأس في عام 2020 إلى 1.53 مليون رأس في 2024، بزيادة تقدر بـ 18%.
وهي نتيجة مباشرة للتسهيلات التي قدمتها الوزارة لتشجيع تربية الجاموس، حيث تم توفير قروض ميسرة لتمويل عمليات التربية والرعاية، مما ساعد المربين على تطوير مشاريعهم، كما شهدت تربية الجاموس تطورًا ملحوظًا مع ظهور مزارع نظامية متخصصة، من بينها مزارع نموذجية تابعة للوزارة، وتم تأسيس الرابطة المصرية للجاموس المصري بالتعاون مع الوزارة.
وأشار التقرير إلى ارتفاع معدل النمو اليومي لعجول الجاموس المحسن وراثيًا إلى 1200 جرام مقارنة بـ 850 جرامًا للجاموس غير المحسن، كما تضاعف إنتاج الألبان اليومي ليبلغ 16 كجم للجاموس المحسن مقابل 5 كجم لغير المحسن، وفيما يتعلق بالأبقار المصرية، تمتلك الوزارة مراكز تلقيح اصطناعي عالمية تنتج ملايين قصيبات السائل المنوي من سلالات عالية الإنتاجية.
وقد أولت الدولة المصرية اهتمامًا غير مسبوق بمراكز تجميع الألبان للحصول على منتج مطابق للمواصفات القياسية، حيث قدمت الدعم لأصحاب المراكز للحصول على كوب لبن بجودة عالية، سواء للاستهلاك المباشر أو للتصنيع أو للتصدير، وخاصة مع تحقيق مصر الاكتفاء الذاتي من الألبان الطازجة.
وشمل الدعم الذي قدمته الدولة لأصحاب مراكز تجميع الألبان دعم تكاليف إصدار شهادات (أيسو + هاسب) للمراكز التي تم تطويرها، حيث تم تحديث 296 مركزًا نموذجيًا، منها 41 مركزًا في قرى مبادرة “حياة كريمة”، والتي تم تزويدها بنظام إلكتروني لتقييم وتسعير الألبان وفقًا للمعايير العالمية.
كما تخضع جميع مراكز تجميع الألبان المطورة لمتابعات دقيقة لسحب عينات من الألبان وإجراء الفحوصات اللازمة لضمان سلامتها، وتم عقد بروتوكولات مع شركات تصنيع الألبان الكبرى لاستقبال الألبان من مراكز التجميع بأسعار تنافسية.
واتخذت الهيئة العامة للخدمات البيطرية خطوات هامة لتحقيق أقصى استفادة من الثروة الحيوانية، بما في ذلك ترقيم وتسجيل رؤوس الثروة الحيوانية، وتوفير قواعد بيانات دقيقة تدعم اتخاذ القرارات الصحيحة، بالإضافة إلى القوافل البيطرية المجانية والندوات التوعوية.
وتشمل هذه الجهود أيضًا تبسيط إجراءات تراخيص التشغيل لكافة أنشطة ومشاريع الثروة الحيوانية مع التأكيد على ضوابط الأمن الحيوي، مما ساهم في تحسين أداء الثروة الحيوانية وزيادة الإنتاجية.
وتوقع التقرير أن يصل إنتاج الألبان إلى نحو 7 ملايين طن بنهاية عام 2025، مقارنة بـ 6.5 مليون طن في 2024، وإنتاج اللحوم الحمراء إلى 600 ألف طن مقابل 555 ألف طن في 2024، مما يؤكد أن الدولة المصرية تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق نهضة شاملة وتنمية حقيقية في قطاع الثروة الحيوانية.