مع اقتراب موعد المولد النبوي، يزداد اهتمام الكثير من المسلمين بمعرفة الأحكام الفقهية المتعلقة بالاحتفال بهذه المناسبة المباركة، خاصة فيما يخص شراء حلوى المولد وتبادلها كهدايا بين الأهل والأصدقاء، وفي هذا الوقت من كل عام، تتجدد العديد من العادات، حيث يعتبر البعض أن الاحتفال بهذه الطريقة هو بدعة لا أصل لها في الدين، بينما يرى آخرون أن هذه العادة تشبه عبادة الأصنام.
الجدل الموسمي حول الحلوى
خلال السنوات الأخيرة، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي آراء متشددة تحرّم شراء أو تناول حلوى المولد أو إهدائها، معتبرة أن هذه العادة دخيلة على الدين الإسلامي، ويروّج البعض لفكرة أن التعبير عن الفرح بالمولد من خلال الحلوى لا يجوز شرعًا، بل يشبّهونها بالطقوس الوثنية القديمة.
موقف دار الإفتاء المصرية
على الجانب الآخر، أكدت دار الإفتاء المصرية أكثر من مرة أن الاحتفال بالمولد النبوي عبر شراء الحلوى وتبادلها هو أمر جائز شرعًا، بل قد يكون مستحبًا، لأنه يعكس الفرح بمولد النبي محمد ﷺ وتعظيم مقامه الشريف، وأوضحت أن هذه العادة الاجتماعية لا تُعد بدعة مذمومة، وأن تشبيهها بالأصنام أو الطقوس الوثنية ليس له أساس من الصحة.
كما أضافت الإفتاء أن مشاركة الناس في إظهار الفرح بالمولد النبوي من خلال التجمعات العائلية وتبادل الحلوى، وتذكير الناس بسيرة النبي وسنته، هي مظاهر محمودة تُظهر ارتباط المسلمين بسيرة رسولهم الكريم.
حلوى المولد في مصر.. تاريخ ممتد
ترتبط حلوى المولد النبوي في مصر بتاريخ طويل يعود إلى العصور الفاطمية، حيث بدأ الحكام في الاحتفال بالمولد من خلال توزيع الحلوى على الناس تعبيرًا عن الفرح، ومنذ ذلك الحين، أصبحت هذه المناسبة مرتبطة بأنواع تقليدية من الحلوى، مثل السمسمية والحمصية والفولية والملبن، بالإضافة إلى العرائس والأحصنة السكرية التي لا تزال تحتفظ بمكانتها حتى اليوم رغم التغيرات الاجتماعية والاقتصادية.
ولم تقتصر الحلوى على كونها طقسًا احتفاليًا فحسب، بل أصبحت عادة راسخة في الثقافة المصرية، تنتقل من جيل إلى جيل، وتُعد فرصة لتبادل الهدايا بين الأسر والأصدقاء.
الاحتفال بالمولد النبوي بالحلوى
يعتقد الباحثون في التراث الإسلامي أن الاحتفال بالمولد النبوي من خلال الحلوى لا يقتصر على الجانب المادي، بل يحمل بُعدًا روحيًا واجتماعيًا، إذ تُذكّر هذه المناسبة الناس بسيرة النبي ﷺ، وتجمعهم على الفرح والمحبة والتواصل، كما تمثل فرصة لإحياء العادات المصرية القديمة التي تجمع بين الطابع الديني والاجتماعي.
إن الاحتفال بالمولد النبوي بشراء الحلوى أو تبادلها كهدايا هو عادة اجتماعية متوارثة لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية، وقد أكدت دار الإفتاء أن هذه الممارسات جائزة شرعًا، بل مستحبة، لأنها تعكس حب المسلمين لنبيهم، وتعيد إحياء مظاهر الفرح في المجتمع، بعيدًا عن أي شبهات ترتبط بالبدع أو العادات الوثنية.