«إيش جابك جارى يا غندور.. صعيدى وفالق ومنتور».. تتجدد ذكريات الفلكلور الشعبي مع موسم حصاد محصول البلح في الوادي الجديد، وهو المحصول الاستراتيجي الرئيسي في الواحات، حيث تشير بشائر الموسم إلى نتائج مبهجة للمزارعين والأسر، إذ وصل سعر كيلو البلح السيوي إلى حوالي ٥٠ جنيهًا، كما أفاد محمد سيد، أحد منتجي التمور في المحافظة.
بلح الواحات يتميز بأعلى نسبة سكريات وخالٍ تمامًا من أى معاملات كيماوية.
تستعد المحافظة لاستقبال موسم الحصاد من خلال إجراءات تتضمن مرحلة التزميط، والتي تعني حفظ ثمار البلح في شكاير لاستكمال نضجها، حيث يكون البلح في مرحلة تُعرف بـ«البلح الرامخ»، وهو البلح غير الناضج ذو اللون الأصفر أو البرتقالي قبل الوصول إلى النضج الكامل.
تتميز محافظة الوادي الجديد بتصدرها لإنتاج تمور التصدير على مستوى الجمهورية، وتسعى لتطوير خطوط الإنتاج ووحدات التعبئة والتخزين لتسهيل تصدير التمور إلى العديد من الدول حول العالم.
بلح الواحات يتميز بأعلى نسبة سكريات وخالٍ تمامًا من أى معاملات كيماوية.
قال اللواء محمد الزملوط، محافظ الوادي الجديد، إن عدد أشجار النخيل وصل إلى ٤.٨ مليون نخلة، مشيرًا إلى نجاح المبادرة التي أطلقتها المحافظة لمكافحة «سوسة النخيل الحمراء»، والتي ساهمت في الحد من انتشار الإصابة وخفض معدلاتها في المراكز.
وأوضح الدكتور مجد المرسى، وكيل وزارة الزراعة في الوادي الجديد، أن موسم البلح هذا العام مبشر جدًا، نتيجة زيادة الطلب على بلح الوادي الجديد، مؤكدًا أن إنتاج التمور تضاعف في السنوات الأخيرة بفضل المبادرة الرئاسية «الإكثار من زراعات النخيل» في جميع مناطق المحافظة، بالإضافة إلى فرص التسويق التي نفذتها المحافظة من خلال المشاركة في مختلف المعارض داخل وخارج مصر، مما أدى إلى زيادة فرص تصدير بلح الوادي الجديد إلى الخارج، فضلاً عن التسويق المحلي.
وأشار إبراهيم خليل، أحد باحثي تراث الواحات، إلى أن حصاد محصول البلح يرتبط بموروثات ثقافية لدى أهالي الواحات، حيث كانت تُنظم الأشعار والأغاني الفلكلورية منذ القدم والتي تُطلق خلال عملية جمع المحصول، وتظل عالقة في أذهان سكان الواحات، نظرًا لما يمثله محصول البلح من ركيزة اقتصادية أساسية للأسر، إذ يُستخدم لتلبية احتياجاتهم طوال العام، إضافة إلى الصرف من عملية بيع المحصول على زواج الأبناء وتعليمهم.
وأضاف أن موسم حصاد البلح يعد نموذجًا حيًا للتراحم والتكافل الاجتماعي، حيث يخرج الأهالي كميات من البلح للأسر التي لا تملك النخيل وللغرباء، وتعتبر منتجات البلح الفاكهة الأساسية التي تتواجد في كل بيت بالواحات من سبتمبر حتى فصل الشتاء، وأشار «خليل» إلى إيجابية استخدام زكاة الزروع الخاصة بمحصول البلح في إقامة مشروعات خدمية لصالح المواطنين بالمحافظة، وذلك ضمن المبادرة السنوية لجمع زكاة الزروع للتوسع في الخدمات التي تلبي احتياجات المواطنين، خاصة في القرى والمناطق النائية.
وقالت إنعام حسين، ربة منزل، إن حلاوة بلح الوادي الجديد تكمن في تنوعه، على الرغم من أن القيمة الاقتصادية ترتكز على البلح السيوي الذي يُصدر إلى مختلف الأسواق.
وأكد بسام بلال، أحد تجار ومصنعي التمور في الوادي الجديد، أن موسم جمع البلح «كله خير»، حيث تتوفر آلاف فرص العمل بالمصانع ومجمعات جمع البلح وسيارات النقل وغيرها من الخدمات المرتبطة بإنتاج التمور، مشيرًا إلى أن أسعار البلح تخضع للعرض والطلب، وارتفاع السعر يدل على حاجة الأسواق لبلح الواحات الذي يتميز بأعلى نسبة سكريات وخالٍ تمامًا من أي معاملات كيماوية، وأشار إلى أنه تم التعاقد على تصدير تمور الوادي الجديد هذا الموسم إلى عدة دول، منها دول في الأسواق الأوروبية والعربية، بالإضافة إلى كندا، وتشمل الدول المستوردة دول الخليج العربي مثل السعودية والإمارات وقطر والكويت والبحرين وعمان، فضلاً عن دول في أوروبا مثل فرنسا وإسبانيا وبولندا وأوكرانيا، كما يتم التصدير إلى دول في إفريقيا، مما يعكس انتشار تمور الوادي الجديد في أسواق متعددة حول العالم.