ألقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم، كلمة مصر في قمة «منظمة شنغهاي للتعاون بلس» التي تُعقد في مدينة تيانجين الصينية، حيث مثل الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، في هذه الفعالية المهمة.
في مستهل كلمته، قدم رئيس الوزراء تحياته للرئيس شي جين بينج، معربًا عن شكره العميق على الدعوة الكريمة للمشاركة في هذه القمة التي تعد الأولى من نوعها بصيغة SCO Plus، وأشار إلى أن القمة تُعقد تحت شعار «تنفيذ التعددية، وضمان الأمن الإقليمي، وتعزيز التنمية المستدامة»، في وقت يواجه فيه العالم تحديات معقدة وعابرة للحدود تفوق قدرة أي دولة على التعامل معها بمفردها، وأضاف أن مصر تُثمن «روح شنغهاي» التي تأسست المنظمة على مبادئها منذ عام 2001، والتي تركز على الثقة والمنفعة المتبادلة والمساواة واحترام اختلاف الحضارات والثقافات، كما أعرب عن تقديره للجهود التي بذلتها الصين خلال فترة رئاستها للمنظمة في تعزيز هذه الروح.
وتابع رئيس الوزراء مؤكدًا على وجود علاقة مباشرة بين الأمن الإقليمي والتنمية المستدامة، مما يستدعي تفعيل الآليات الأمنية الإقليمية بشكل يحقق أمنًا متساويًا لجميع الدول، بما يضمن احترام سيادتها واحتياجاتها، ومحاربة الإرهاب والتطرف بجميع أشكاله ومعالجة جذوره الاجتماعية والاقتصادية، وتسوية الخلافات من خلال الحوار.
وأوضح أن القمة تأتي في ظرف دولي دقيق يهدد مصداقية النظام الدولي متعدد الأطراف، مشيرًا إلى الحرب الإسرائيلية المستمرة ضد الشعب الفلسطيني الشقيق، الذي يعاني من كافة أشكال القتل والترويع والتجويع، حيث وصلت حصيلة الضحايا المدنيين إلى نحو 60 ألفًا، والمصابين حوالي 119 ألفًا، مؤكدًا أن هذه الحرب لم تعد تتعلق بتحقيق أهداف سياسية أو إطلاق سراح رهائن، بل أصبحت حربًا للتجويع وتصفية القضية الفلسطينية.
وشدد الدكتور مصطفى مدبولي على أن مصر تدين بشدة توسيع إسرائيل لعملياتها العسكرية في قطاع غزة، وكذلك المساعي الإسرائيلية لجعل القطاع غير قابل للحياة في محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، إضافة إلى إدانته للممارسات والانتهاكات الإسرائيلية في الضفة الغربية، خاصة عنف المستوطنين والأنشطة الاستيطانية التي تستهدف القضاء على حل الدولتين.
وأضاف أن مصر تبذل جهودًا مكثفة بالتعاون مع جميع الشركاء للتوصل إلى وقف إطلاق النار، مؤكدًا على ضرورة قبول إسرائيل الطرح الحالي بوقف مؤقت لإطلاق النار يتم خلاله التفاوض حول سبل إنهاء الحرب وإعادة إعمار قطاع غزة وفقًا للخطة العربية الإسلامية، بالإضافة إلى الدفع نحو عملية سياسية تضمن تنفيذ حل الدولتين.
وتابع رئيس الوزراء مؤكدًا على أن إقامة دولة فلسطينية موحدة على خطوط الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية تظل السبيل الوحيد لتحقيق حل عادل وشامل يُعيد الاستقرار إلى المنطقة والعالم.
كما أكد الدكتور مصطفى مدبولي على أهمية صيغة «SCO Plus» كمنصة لتعزيز التشاور ودفع التعاون بين الدول الأعضاء ودول شركاء الحوار بالمنظمة والدول الأخرى ذات الفكر المشابه، مشددًا على أهمية بذل الجهود لإصلاح النظام العالمي ليكون أكثر عدالة، فضلاً عن دعم دور الأمم المتحدة في النظام الدولي القائم على القانون الدولي.
وأشار إلى تأييد مصر لمبادرات الرئيس الصيني، شي جين بينج، التي تهدف إلى دعم جهود إصلاح النظام الدولي لمواجهة التحديات الراهنة، وجعل العالم أكثر أمانًا واستقرارًا، مضيفًا أن هناك حاجة لإصلاح جذري في الهيكل المالي العالمي ومؤسسات التمويل الدولية، بما يشمل تطوير سياسات بنوك التنمية متعددة الأطراف وتوفير التمويل الميسر للدول النامية لمساعدتها في مواجهة تداعيات الأزمات الدولية، بالإضافة إلى ضرورة إيجاد حلول مستدامة لقضية الديون.
كما أكد الدكتور مصطفى مدبولي على أهمية تعزيز مبدأ المسؤولية المشتركة مع تباين الأعباء، خاصة في مواجهة تغير المناخ وحوكمة الموارد الطبيعية الشحيحة على كوكبنا، موضحًا أن حجر الأساس لرفع مستويات التعهدات المناخية يرتبط مباشرة بالدعم الدولي من التمويل وتوافر القدرات التكنولوجية المتطورة، والملكية الوطنية للمشروعات.
وأكد رئيس الوزراء أن مبدأ المشاركة والمسؤولية المشتركة يتلازم مع رفض النهج الأُحادي في إدارة قضايا الموارد الدولية وتسوية الخلافات بشأنها، مشيرًا إلى أن ذلك ينطبق على إدارة المجاري والأنهار المائية الدولية العابرة للحدود، خاصة في ظل أزمة مائية عالمية نواجهها بشكل خاص في مصر.
وفي هذا السياق، أشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن مصر، كدولة كثيفة السكان تعيش في بيئة صحراوية، تعتمد بشكل شبه كامل على نهر النيل لتلبية احتياجاتها من الموارد المائية المتجددة، مؤكدًا أن التعاون مع دول حوض النيل الشقيقة يمثل الركيزة الأساسية في المقاربة المصرية لإدارة هذا المورد المائي المشترك بما يحقق المنفعة للجميع وفقًا لقواعد القانون الدولي لتحقيق الاستخدام المنصف دون حدوث ضرر ذي شأن.
كما أوضح رئيس الوزراء أن التطبيقات التكنولوجية المتطورة، خاصة الذكاء الاصطناعي، تُعد محفزًا رئيسيًا لتحقيق التنمية المستدامة، مشددًا على أهمية تعزيز التعاون لوضع سياسات تضمن استخدامها بشكل أخلاقي ومسؤول، وضمان الوصول العادل لتقنيات الذكاء الاصطناعي وتلبية التحديات التي تواجه الدول النامية مع احترام أولوياتها الوطنية.
وفي ختام كلمته، أعرب الدكتور مصطفى مدبولي عن تمنياته بالتوفيق والنجاح للرئاسة الدورية الجديدة للمنظمة بقيادة الرئيس صدير جاباروف، رئيس جمهورية قيرغيزستان، معربًا عن تطلعه لمتابعة مخرجات قمة «SCO Plus».