أصدرت المحكمة الدستورية العليا، برئاسة المستشار بولس فهمى إسكندر، حكمًا يوم أمس برفض الدعوى التي طعنت في دستورية بعض المواد من قانون العقوبات، حيث أكدت أن تجريم أفعال السب والقذف عبر النشر بحق الأفراد، والعقوبات المرتبطة بها، لا تتعارض مع أحكام الدستور، وأوضحت المحكمة أن الدستور يُلزم الدولة بحماية الكرامة الإنسانية من أي انتهاك، لضمان حق كل إنسان في صون كرامته، وحرية الفكر والرأي، وحق التعبير عنهما سواء بالقول أو الكتابة أو النشر، لكن ذلك لا يعني الاعتداء على الكرامة الإنسانية أو الحياة الخاصة للأفراد، ولا يبرر إسناد وقائع قد تؤدي إلى العقاب أو الاحتقار.

وفي هذا السياق، قال جمال عبدالرحيم، سكرتير عام نقابة الصحفيين، إن الحكم الذي صدر برفض الطعن على النصوص المتعلقة بالغرامات في قضايا النشر لا يتعارض مع المادة 71 من الدستور، موضحًا أن المواد المطعون عليها لا تشمل عقوبات سالبة للحرية، وبالتالي لا تمس النص الدستوري الذي ألغى عقوبة الحبس في جميع قضايا النشر، باستثناء الجرائم المتعلقة بالتمييز والطعن في الأعراض والتحريض على العنف.

وأضاف «عبدالرحيم» في تصريحاته لـ«إقرأ نيوز»: «كنا في النقابة نشعر بالقلق من إمكانية احتواء هذه المواد على عقوبة الحبس، وهو ما كان سيتعارض مع المادة 71 من الدستور، لكن الحكم الصادر يقتصر على الغرامة فقط، وبذلك لا يمثل أي مشكلة».

من جانبه، أوضح الدكتور حسن عماد مكاوي، العميد الأسبق لكلية الإعلام بجامعة القاهرة، أن السب والقذف يُعتبر جريمة جنائية، وإذا ثبت أن شخصًا ما يسب آخر بطريقة تؤدي إلى وضعه في موقف مزري أمام أهله أو معارفه، فإن ذلك يُعتبر جريمة، ويجب أن نفرق بين السب والقذف وحق النقد الذي يمارسه الصحفي والإعلامي، مشيرًا إلى أن هذا القرار لا يؤثر سلبًا على حرية التعبير.

وأضاف أن الحكم لا يمثل قيودًا على الصحافة، مؤكدًا أن القانون موجود منذ فترة طويلة، وما قام به رئيس المحكمة العليا هو تفعيل هذا القانون، حيث إن النقد البناء مطلوب، بينما السب والقذف ليس كذلك، ومن جهته، أشار الدكتور ياسر عبدالعزيز، الخبير الإعلامي، إلى أن الجدل حول الحكم الأخير لا يرتبط بشكل مباشر بمفهوم حرية الرأي والتعبير، موضحًا أن حرية التعبير ترتبط أساسًا بقدرة المواطنين، وخاصة الصحفيين، على مراقبة أعمال الحكومة وكشف أنماط الفساد المحتملة لدى الموظفين العموميين أو القائمين على الخدمة العامة.

كما ذكر الدكتور حمدى عمر، أستاذ القانون الدستوري، وعضو لجنة الخبراء العشرة لوضع دستور 2014، أن الحكم جاء متماشيًا مع صحيح الدستور، ولم يمس حرية الصحافة، بل دعم حق الإعلاميين في العمل وفقًا للقانون.