في عمق صحراء غرب سفاجا، وعلى بعد 20 كيلومترًا، تحولت المنشآت والأنفاق في قرية «أم الحويطات» إلى وجهات سياحية مثيرة لعشاق سياحة السفاري، حيث تبرز أطلال مدرسة قديمة تعود لأكثر من قرن، إنها مدرسة «أم الحويطات الابتدائية»، التي احتضنت أجيالًا من أبناء القرية قبل أن تُغلق أبوابها قبل 25 عامًا بعد توقف استخراج خام الفوسفات، لتصبح اليوم مزارًا سياحيًا فريدًا ضمن رحلات السفاري التي تنظمها شركات السياحة لزوار البحر الأحمر.
بين جدران المدرسة المتهالكة، والتي لا تزال تحتفظ ببقايا رسوماتها وألوانها، يجد السياح فرصة نادرة لاستعادة ذكريات الطفولة، حتى وإن لم يدرسوا فيها يومًا، حيث أصبحت السبورات السوداء التي تزين كل فصل لوحة حية يسجل عليها الزوار انطباعاتهم وكلماتهم بلغاتهم المتعددة، بينما يتقمص المرشد السياحي دور المعلم في قاعة فارغة إلا من التاريخ وصدى الضحكات التي كانت تعمر المكان قبل عقود.
وأوضح محمود دندراوي، أحد منظمي رحلات السفاري، أن فكرة إدراج المدرسة ضمن البرنامج السياحي جاءت بعد أن أصبحت أطلالًا مهجورة، حيث توقفت الحياة فيها منذ انتقال الأهالي إلى القرية الجديدة القريبة من شاطئ سفاجا.
وأضاف: «رغم أن المدرسة صارت بلا طلاب ولا معلمين منذ نهاية القرن الماضي، فإنها لا تزال شاهدة على قصة إنسانية واجتماعية تمتد لأكثر من 100 عام».
أنشئت المدرسة في زمن الإنجليز الذين عملوا في استخراج الفوسفات، وكان لها دور رئيسي في تعليم أبناء القرية، قبل أن يقرر الأهالي الانتقال إلى منطقة أقرب للخدمات، لكن المبنى، بساحته الواسعة وسبوراته، بقي في مكانه وسط الصحراء، ليصبح مع مرور الوقت مزارًا سياحيًا مختلفًا عن أي موقع آخر.
خلال الرحلات، يتوقف السياح طويلًا أمام السبورات القديمة، حيث يكتبون عبارات بلغاتهم، يتركون توقيعاتهم، يرسمون قلوبًا ووجوهًا ضاحكة، ثم يلتقطون الصور التذكارية وكأنهم عادوا لسنوات الدراسة الأولى، بعضهم يشعر بالدهشة من بقاء الألوان على الحوائط رغم عقود من الإهمال، بينما يندهش آخرون من استمرار وجود المدرسة في منطقة نائية وسط الصحراء رغم توقف الحياة حولها.
وأكد عدد من منظمي السفاري أن «أم الحويطات» أصبحت عنصر جذب مميزًا لهواة السياحة الثقافية والتاريخية، إلى جانب مغامرات الصحراء وركوب الجمال والبيتش باجي، لتضفي الرحلات بعدًا إنسانيًا وتاريخيًا مختلفًا.
بينما يمضي السياح في طريقهم بعد انتهاء الزيارة، تبقى السبورة مغطاة بكتابات بلغات متنوعة: العربية والإنجليزية والألمانية والإيطالية، لتؤكد أن المدرسة التي هجرتها الحياة منذ ربع قرن، عادت من جديد، ولكن هذه المرة كمزار سياحي عالمي يحتفظ بالذكريات بدلًا من أن يطويها النسيان.
– صورة أرشيفية
أطلال مدرسة «أم الحويطات» – صورة أرشيفية
أطلال مدرسة «أم الحويطات» – صورة أرشيفية
– صورة أرشيفية
أطلال مدرسة «أم الحويطات» – صورة أرشيفية
أطلال مدرسة «أم الحويطات» – صورة أرشيفية
أطلال مدرسة «أم الحويطات» – صورة أرشيفية
– صورة أرشيفية
– صورة أرشيفية.