تغمر مشاعر المحبة والسعادة قلوب الملايين من المسلمين في شتى أنحاء العالم مع حلول مناسبة دينية مميزة، حيث تحيا القلوب قبل الأماكن، وتتحول المدن والقرى إلى فضاءات مليئة بالذكر والابتهال والمدائح، وتُعد موائد من الحلويات والأطعمة الخاصة، بينما تتعالى أصوات الدفوف والمنشدين تعبيرًا عن حب المصطفى، لكلٍ طقوسه الخاصة، لكن الجميع يلتقي في سكينة هذا اليوم وبهجته.

ورغم اختلاف المذاهب والآراء الفقهية حول مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي، إلا أن هذه المناسبة لا تمر مرورًا عابرًا في الكثير من الدول الإسلامية، حيث تشهد احتفالات شعبية وثقافية متنوعة، تنعكس في مظاهر الزينة والموسيقى والمدائح، وتزدهر الأسواق بمنتجات موسمية خاصة، بينما تتناقل وسائل التواصل الاجتماعي مشاهد احتفالات من كل مكان، لتصل إلى من لم تطأ قدمه تلك البلاد.

في كل بلد إسلامي يوجد بصمة خاصة في الاحتفال، تتنوع الطقوس من منطقة إلى أخرى، لكنها تتوحد في مضمونها الروحي العميق، إذ تعبر عن الحب الكبير للنبي محمد، والاقتداء بسنته واستحضار سيرته العطرة.

مأكولات خاصة بالمناسبة

في العديد من الدول الإسلامية، تحتل الأطعمة والحلويات مكانة بارزة في هذه المناسبة، حيث يُعد لها أطباق خاصة لا تُحضّر إلا في هذا اليوم.

1- تونس

يشتهر التونسيون بإعداد عصيدة الزقوقو المصنوعة من حبات الصنوبر المطحون، وتُزين بطبقة من الكريمة والمكسرات والحلوى الملونة.

2- الجزائر

في بعض المناطق، يتم تحضير طبق الطمّينة التقليدي، المكون من السميد والعسل والزبدة.

3- العراق

تُطهى الزردة، وهي حلوى تتكون من الأرز والسكر وماء الورد والهيل، وتُزين بالقرفة.

4- مصر

تنتشر أنواع مختلفة من الحلويات في جميع أنحاء المدن، ولكن أشهرها عروسة المولد وحصان المولد المصنوعان من السكر، وهما تقليد متجذر في الثقافة الشعبية المصرية، كما تبدأ الاحتفالات أجواء من البهجة البصرية، حيث تُزين الشوارع والمنازل، وتنتشر الألوان والزينة التقليدية، وتتحول الأسواق إلى لوحات فنية تعج بالناس، وتنشط حركة التجارة بشكل ملحوظ، مع إقبال الناس على شراء الحلويات ومكونات الأكلات التقليدية، بالإضافة إلى أدوات الزينة والدفوف والملابس الخاصة بالمناسبة.

الإحتفال بالمولد النبوي الشريف 2025:

وقد أوضحت دار الإفتاء المصرية عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أن الاحتفال بالمولد مستحب شرعًا وله أصل في القرآن الكريم والسنة النبوية، وأجمع عليه علماء الأمة، مؤكدة أن من مظاهر هذا الاحتفال التعبير عن الفرح والسرور بقدوم النبي، وذلك من خلال الذكر والإنشاد والصيام والقيام وإطعام الطعام.

وأضافت أن الاحتفال بهذه المناسبة لا يخرج عن إطار المشروع، بل يعبر عن محبة صادقة للنبي الكريم، كما أنه فرصة لغرس القيم النبوية والاقتداء بأخلاقه الكريمة.

5- إندونيسيا

تخرج الاحتفالات من نطاق الحلويات إلى تحضير أكلات رئيسية، مثل الكاري التقليدي الذي يُعد بكميات كبيرة ويوزع على الناس.

المدائح والذكر والموسيقى الصوفية

تمتلئ الساحات والمساجد في عدد من الدول الإسلامية بحلقات الذكر والإنشاد الصوفي، حيث تتلى المدائح النبوية على أنغام الدفوف، ويعبر المشاركون عن شوقهم لرؤية النبي وطلب شفاعته، كما يحرص الكثيرون على التجمع حول منشدي السيرة النبوية، في أجواء روحانية تعمها السكون والخشوع.

جذور تاريخية للاحتفال بالمولد النبوي

بحسب المراجع التاريخية، فإن أول احتفال منظم بالمولد النبوي كان في عهد الملك أبوسعيد كوكبري حاكم مدينة أربيل في القرن السابع الهجري، حيث أقام احتفالًا واسعًا بهذه المناسبة، كما احتفل الفاطميون بالمولد لفترة، قبل أن يصدر الخليفة المستعلي بالله عام 488 هـ أمرًا بوقف الاحتفال.

ثم عاد المسلمون لإحياء ذكرى المولد بأشكال مختلفة، منها توزيع الصدقات والحلويات وإلقاء الشعر والأناشيد في عهد الدولة الأيوبية، وصولًا إلى الاحتفالات الرسمية الكبيرة في زمن الدولة العثمانية.

اطلع أيضا: