تقدم أحمد الطيب، شيخ الأزهر، بأطيب التهاني إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، وإلى شعب مصر، وإلى الأمتين العربية والإسلامية، حكاما وشعوبا، بمناسبة حلول ذكرى مولد خير الناس، سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه وعلى إخوانه من الأنبياء والمرسلين، وفي كلمته اليوم الأربعاء خلال احتفالية ذكرى المولد النبوي الشريف، بحضور الرئيس السيسي، أكد شيخ الأزهر أن ميلاد النبي ليس مجرد ميلاد لزعيم أو مصلح، بل هو ميلاد رسالة إلهية خاتمة، أرسل بها نبي خاتم ليكون دعوته واحدة لكل الناس في كل أنحاء الأرض، على أساس المساواة بين الشعوب والأجناس.

وأشار إلى أن الاحتفال هذا العام يعد تذكيرا بذكرى تمتد جذورها عبر الأزمان، حيث نحتفل بمرور ألف وخمسمائة عام على مولده، مشددا على أن هذه الذكرى تتكرر فقط كل مائة عام، واصفا إياها بالبشرى لأبناء هذا الجيل، لتخفيف الكرب عن المكروبين وإزالة الهموم عن المستضعفين برحمة الله، وبالرحمة التي أرسل بها رسول الله إلى العالمين.

ولفت شيخ الأزهر إلى أن صفة الرحمة كانت من أبرز صفات النبي، التي تجلت في كل أفعاله وأقواله مع أهله وأصدقائه وأعدائه، موضحا أنها كانت الأنسب للدعوة التي تتجاوز حدود الزمان والمكان، كما أنها كانت بمثابة التأهيل الذي يتماشى مع الرسالة العالمية، لتحتوي جميع الأخلاق الإنسانية بمختلف جوانبها، من الخير والشر، والبر والفجور، والعدل والظلم.

كما سلط الإمام الأكبر الضوء على أحد أبرز تجليات الرحمة النبوية، وهو التشريع الإسلامي للحرب، حيث أكد أن الإسلام وضع قواعد أخلاقية صارمة لم تعرفها البشرية من قبل، جعلت القتال محصورا في دفع العدوان، وحظرت الإسراف في القتل والتخريب، مشيرا إلى حرمة قتل غير المقاتلين كالأطفال والنساء والشيوخ، وأوضح أن الفقهاء المسلمين أسسوا فقه السير في وقت مبكر من تاريخ الإسلام، مما يمكن اعتباره نواة للقانون الدولي، وأجمعوا على حرمة الإسراف في القتل والتدمير، وأن يكون القتال محصورا في رد الاعتداء، دون تجاوز إلى التشفي أو الإبادة.

وتحدث شيخ الأزهر عن عدم المقارنة بين حروب المسلمين وحروب العصر الحالي، موضحا أن الإسلام حرم قتل الأطفال، بينما تحرض الأنظمة الأخرى على تجويعهم، مشيرا إلى ضرورة تذكر دروس الماضي والاتعاظ بأحداث التاريخ، خاصة في فلسطين التي عانت من الاحتلال، مؤكدا أن الحل يكمن في التضامن العربي والإسلامي لدعم حقوق الفلسطينيين.

وأكد الإمام الأكبر أننا دعاة للعدالة والإنصاف والاحترام المتبادل، مشددا على أن العدل والسلام يجب أن يكونا مشروطين بالإنصاف، وانتزاع الحقوق التي لا تقبل المساومة، وأن القوة والإرادة والعلم هي السبيل لتحقيق ذلك.

وفي ختام كلمته، توجه الإمام الأكبر برسالة خاصة إلى الرئيس السيسي، داعيا الله أن يقوي دعمه ويؤيده في موقفه الرافض لذوبان القضية الفلسطينية، وحماية حقوق الشعب الفلسطيني في البقاء على أرضه، مشددا على أهمية الموقف المصري التاريخي في دعم القضية الفلسطينية ومساندة الفلسطينيين.