عقدت وزارة الخارجية اليوم اجتماع آلية 2+2 التشاورية لوزراء الخارجية والري في مصر والسودان، حيث ترأس الوفد المصري كل من الدكتور بدر عبدالعاطي وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، والدكتور هاني سويلم وزير الموارد المائية والري، بينما ترأس الوفد السوداني السفير عُمر صديق وزير الدولة بوزارة الخارجية والتعاون الدولي.
وفي نهاية الاجتماع، صدر بيان مشترك يوضح أن الجولة الثانية لاجتماعات آلية 2+2 التشاورية شهدت مشاركة الوزراء والوفود من الجانبين، حيث جرت المباحثات في أجواء ودية وإيجابية، وتعكس تفاهماً مشتركاً وعزماً من الطرفين على فتح مجالات أوسع للتعاون بين البلدين الشقيقين، اللذين يرتبطان بروابط الأخوة والتاريخ والجغرافيا عبر نهر النيل الأزلي.
تناولت المباحثات التطورات الحالية المتعلقة بملف نهر النيل، وتمت مراجعة النتائج التي تحققت من تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في الجولة الأولى من اجتماعات آلية 2+2 التي عُقدت في فبراير 2025، واستعرض الجانبان مجالات التعاون المائي وسبل تعزيزها بما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين، حيث اتفقا على ضرورة تأمين الأمن المائي لدولتي مصب نهر النيل، والعمل معاً للحفاظ على حقوق واستخدامات البلدين المائية بشكل كامل، وفقاً للنظام القانوني الحاكم لنهر النيل، في إطار مبدأ المجتمع المشترك للمصالح والمساواة في الحقوق، طبقاً للقانون الدولي واتفاقية عام 1959 المبرمة بين البلدين، فضلاً عن التنسيق والتوافق التام في مختلف المحافل الإقليمية والدولية، خصوصاً فيما يتعلق بالحقوق المائية للبلدين.
وشدد الجانبان على أن الأمن المائي السوداني والمصري جزء لا يتجزأ، وأعادا تأكيد رفضهما التام لأي تحركات أحادية في حوض النيل الشرقي قد تضر بمصالحهما المائية، كما أكدا على أهمية تعزيز التشاور والتنسيق واستمرار سعيهما المشترك للعمل مع دول مبادرة حوض النيل لاستعادة التوافق وإعادة المبادرة إلى قواعدها التوافقية التي تأسست عليها، والحفاظ عليها كآلية شاملة للتعاون تضم جميع دول الحوض، مما يمثل ركيزة التعاون المائي الذي يحقق المنفعة لجميع دول حوض نهر النيل.
تطرقت المشاورات أيضاً إلى تطورات ملف السد الإثيوبي، حيث اتفق الطرفان على أن السد الإثيوبي، الذي يعد مخالفاً للقانون الدولي، يترتب عليه آثار جسيمة على دولتي المصب، ويشكل تهديداً مستمراً لاستقرار الوضع في حوض النيل الشرقي وفقاً للقانون الدولي، خاصة ما يتعلق بالمخاطر الجدية الناتجة عن الخطوات الأحادية الإثيوبية لملء وتشغيل السد، والتصريفات المائية غير المنضبطة، ومواجهة حالات الجفاف، وأكد الجانبان على ضرورة تعديل إثيوبيا سياستها في حوض النيل الشرقي لاستعادة التعاون بين دول الحوض، كما أشارا إلى أن قضية السد تبقى مشكلة بين الدول الثلاث (مصر – السودان – إثيوبيا)، ورفضا أي محاولات لإقحام باقي دول الحوض في هذه القضية الخلافية.
وأكد الطرفان على تطابق مواقفهما بشأن الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، وخاصة مبادرة حوض النيل وآليتها التشاورية للدول غير المنضمة للاتفاق الإطاري، كما أشارا إلى الدور البارز الذي تقوم به الهيئة الفنية الدائمة المشتركة لمياه النيل وفق اتفاقية 1959، وهي الجهة المعنية بدراسة وصياغة الرأي الموحد الذي تتبناه الدولتان في الشؤون المتعلقة بمياه النيل، وأكدا على أهمية انتظام عمل الهيئة ودعمها فنياً ولوجستياً، لتحقيق المهام المرجوة، والعمل على عقد الاجتماع القادم للهيئة خلال شهر أكتوبر المقبل على هامش أسبوع القاهرة الدولي للمياه.
كما تناولت المباحثات العلاقات الثنائية بين البلدين، حيث أكد الطرفان على حرصهما على تعزيز العلاقات الأزلية التي تربط شعبي البلدين، واتفقا على أهمية استمرار الزيارات الرسمية المتبادلة على مختلف المستويات، وأكدا رفضهما لأي تهديد لوحدة وسلامة أراضي السودان، وعزمهما على تعزيز التنسيق المشترك لاستعادة الاستقرار في السودان الشقيق.
وتباحث الجانبان حول سبل تعزيز المشروعات التنموية بين البلدين، بما ينعكس إيجاباً على التعاون القطاعي، حيث قدم الجانب السوداني شرحاً حول أولويات وموجهات الدولة السودانية في عملية إعادة الإعمار، وعبر الجانب المصري عن دعمه لكافة جهود حكومة الأمل السودانية في هذا الإطار، مؤكداً ترحيبه بالعمل المشترك لدعم القطاعات المختلفة بما يحقق المصلحة المشتركة، وعلى رأسها الاستقرار في السودان، وقد ثمن الجانب السوداني التسهيلات التي تقدمها مصر للأشقاء في السودان فيما يتعلق بتسهيلات العودة الطوعية، كما قدر اللقاءات المستمرة على المستوى الرسمي لتعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات.
واتفق الجانبان على استمرار التنسيق والتشاور اللصيق وتعزيز برامج التعاون التدريبي في شتى المجالات، بما في ذلك بين وزارتي الموارد المائية والري المصرية ووزارة الزراعة والري السودانية، ورحب الجانب المصري بتلبية الاحتياجات التدريبية العاجلة لكوادر وزارة الزراعة والري السودانية، نظراً لارتباطها الوثيق بمساعي إعادة الإعمار، في ضوء ما ستسفر عنه اجتماعات الفريق المشترك المعني بإعادة الإعمار.