شهدت شواطئ هذا الصيف ارتفاعات غير مسبوقة، حيث وجد المصطافون الذين لجأوا إلى البحر هربًا من حرارة الصيف الخانقة أنفسهم أمام مشهد مختلف تمامًا، أمواج متلاطمة لا تهدأ، تيارات مفاجئة تهاجم السابحين، ورايات حمراء ترفرف على الشاطئ تحذر من النزول إلى المياه، هذا الاضطراب البحري المفاجئ أثار تساؤلات حول أسبابه الحقيقية، في وقت تؤكد فيه التحذيرات أن تجاهل هذه الإشارات قد يشكل خطرًا على الأرواح.

وحذرت الأرصاد هذا العام من ارتفاع غير مسبوق في معدل رفع الرايات الحمراء، بعدما كانت تُرفع في مواسم سابقة على فترات محدودة، مما جعل إدارة الشواطئ مضطرة للتحذير مرارًا من أن النزول إلى المياه يمثل خطرًا في ظل الموج المتلاطم والتيارات العنيفة.

أسباب اضطراب البحر

بحسب الدكتور علي قطب، أستاذ المناخ بجامعة الزقازيق، فإن ما حدث هذا الصيف هو نتيجة التقاء عدة عوامل جوية في وقت واحد، فقد تأثرت المنطقة أولاً برياح شمالية شرقية معتدلة مرتبطة بمنخفض الهند الموسمي، ثم سرعان ما تحولت الكتلة الهوائية إلى رياح غربية ساخنة قادمة من جنوب أوروبا، أعقب ذلك دخول هواء بارد من الكتل الهوائية الشمالية، مما أدى إلى تكوين جبهة باردة نشطة رفعت سرعة الرياح وتسببت في زيادة ملحوظة في اضطراب البحر.

تغيرات مفاجئة في الطقس

ويضيف قطب لـ «إقرأ نيوز»، أن الانخفاض المفاجئ في درجات الحرارة بنحو خمس درجات مئوية خلال ساعات قليلة ساهم بشكل مباشر في زيادة اضطراب البحر، ومع دخول كتل هوائية أقل ضغطًا من المحيط الأطلسي مرورًا بالبحر المتوسط، ازدادت خطورة الموقف، لتصبح الأمواج أكثر عنفًا، كما لعبت ظاهرة المد والجزر الناتجة عن تأثير جاذبية القمر والشمس دورًا إضافيًا في مضاعفة قوة الموج، خصوصًا مع تزامنها مع نشاط الرياح.

دعوة للالتزام بالتحذيرات

ويؤكد أستاذ المناخ أن هذا الصيف يرتبط بتكرار نشاط المنخفضات الجوية وزيادة الرياح الشمالية الغربية، وهو ما يفسر خطورة البحر حتى وإن لم تتوافر إحصاءات دقيقة عن معدلات ارتفاع الأمواج سنويًا، لكنه شدد على أن الالتزام بالرايات الحمراء والتحذيرات أمر لا يقبل التهاون، إذ قد يبدو البحر هادئًا للحظة، لكنه سرعان ما يتحول إلى موج هائج يهدد حياة المصطافين.

فيما يرى الدكتور مجدي علام، الخبير البيئي، أن التغير المناخي يؤثر على كل النظم البيئية، لكنه في البحر المتوسط أكثر وضوحًا لكونه «بحيرة شبه مغلقة» لا يتصل بالمحيط إلا عبر مضيق جبل طارق الضيق، مما يجعله أكثر تأثرًا بالتغيرات في درجات الحرارة والتيارات الهوائية والمائية.

وتابع علام أن ارتفاع الأمواج في الساحل الشمالي هذا العام يرتبط بعوامل طبيعية في البحر، موضحًا أن البحر «ليس صخرًا جامدًا»، وإنما حركة الأمواج تنتج عن مرور تيارات هوائية تدفع أمامها تيارات مائية، مما يؤدي أحيانًا إلى ارتفاع غير معتاد في مستوى المياه.