في مساء يوم الجمعة، قامت لجنة من باحثي وزارة البيئة في البحر الأحمر بزيارة شاطئ أحد الفنادق شمال مدينة القصير لمتابعة ظهور أجزاء من حطام سفينة غارقة منذ عشرة أشهر، بالإضافة إلى طفو عدد كبير من أجولة «الردة» التي كانت على متن السفينة، حيث جرفتها الأمواج إلى شاطئ الفندق، وقد جاء ذلك لمتابعة الموقف عن كثب وإعداد تقرير شامل حول عملية سحب الأجولة.

وقد أكدت المصادر أن العاملين في الفندق قاموا بالتدخل بشكل عاجل وبدأوا في رفع الأجولة من على الشاطئ، حرصًا على تجنب أي آثار بيئية أو مظهرية سلبية قد تؤثر على سمعة المنطقة السياحية.

تعود الواقعة إلى السفينة التجارية VSG Glory، التي كانت محملة بشحنة من الردة تقدر بمئات الأطنان، وكانت في طريقها إلى أحد الموانئ على ساحل البحر الأحمر، لكن تعرضت لعطل مفاجئ أدى إلى غرقها قبالة شواطئ القصير قبل عشرة أشهر، ومنذ ذلك الحين استقرت السفينة على عمق متوسط قرب الشعب المرجانية.

ويتابع مسؤولو وزارة البيئة في البحر الأحمر الوضع لحظة بلحظة، للتأكد من عدم تسرب مكونات الشحنة بشكل يضر بالشعاب المرجانية أو الكائنات البحرية المهددة، كما يجري حصر الكميات التي طفت على الشاطئ والتنسيق مع الجهات المعنية لرفعها والتخلص منها بطريقة آمنة، مع دراسة كيفية التعامل مع بقايا السفينة نفسها في قاع البحر.

وفي مشهد درامي أعاد للأذهان حكايات البحر وأسراره الغامضة، فوجئ أهالي مدينة القصير ورواد أحد فنادقها السياحية صباح هذا الجمعة بظهور جسم معدني ضخم على الشاطئ، حيث تبين لاحقًا أنه حطام السفينة VSG Glory، التي غرقت قبل نحو عشرة أشهر في مياه البحر الأحمر، لتعود بشكل غير متوقع إلى السطح بعد أن ظلت مستقرة في الأعماق منذ حادث غرقها.

تخصص السفينة VSG Glory في نقل البضائع والمواد التموينية بين موانئ البحر الأحمر والموانئ اليمنية، ووفقًا لمصادر بحرية، فقد تعرضت لعطل مفاجئ أثناء رحلتها في أواخر العام الماضي، مما أدى إلى تسرب المياه داخلها وغرقها على بعد عدة أميال من الشعاب المرجانية أمام شواطئ القصير، ورغم محاولات الإنقاذ التي جرت في ذلك الوقت، فإن السفينة استقرت في قاع البحر دون أن تسفر الحادثة عن خسائر بشرية، لكنها ظلت بمثابة «شاهد صامت» في الأعماق.

وبعد عشرة أشهر كاملة، دفعت التيارات البحرية العاتية والرياح الموسمية السفينة الغارقة إلى الحركة من مكانها الأصلي، لترتفع تدريجياً حتى ظهرت أجزاء منها على سطح المياه، ثم اندفعت إلى الشاطئ الرملي المجاور لأحد الفنادق السياحية جنوب القصير، مما أثار دهشة الأهالي والسائحين الذين سارعوا لتوثيق المشهد بالصور، وتم إبلاغ الجهات المختصة لمعاينة الوضع وإجراء أعمال الفحص للتأكد من عدم وجود أي تسريبات من خزانات السفينة قد تؤثر على البيئة البحرية أو تضر بالشعاب المرجانية المنتشرة في المنطقة.

وقد أكد الخبير البيئي أيمن طاهر أن الواقعة تذكرنا بأن البحر دائمًا مليء بالمفاجآت، وأن مسؤوليتنا المشتركة تفرض علينا التحرك السريع لحماية البيئة البحرية، سواء من مخاطر التلوث النفطي أو من الحطام المعدني الذي قد يبقى لعقود طويلة في البيئة البحرية.

وكانت «إقرأ نيوز» قد نشرت تقريرًا الشهر الماضي بأن السفينة الغارقة جذبت اهتمام السائحين من هواة الغوص، حيث رأوا فيها مشهدًا فريدًا ومادة للتصوير والتوثيق، وتحولت إلى نمو شعاب صناعية تحتضن الكائنات البحرية وتجذب الغواصين، وتحوّلت سفينة الشحن VSG Glory التي غرقت قبالة سواحل مدينة القصير إلى موقع غوص جديد يثير حماسة المغامرين، خاصة المهتمين باستكشاف الحطام الغارق في الأعماق، فمن حطام غرق مأساوي إلى مغامرة استكشافية، تثبت VSG Glory أن في أعماق البحر أسرارًا تنتظر من يكتشفها، وبينما تستقر السفينة بصمت في القاع، تتحول إلى مسرح جديد للغواصين التقنيين، يروون قصصًا جديدة عن شغف الاكتشاف، وجمال البحر الأحمر الذي لا ينضب.

وفقًا لبيانات السفينة، يبلغ طولها نحو 100 متر، وكانت في طريقها من اليمن إلى أحد الموانئ المصرية في نوفمبر 2024، لكنها واجهت مشاكل فنية مفاجئة تزامنت مع رياح شديدة، مما أدى إلى انحراف مسارها واصطدامها بالشعاب المرجانية القريبة من شواطئ القصير، وعلى مدار أيام تالية، بُذلت محاولات مكثفة لإنقاذها، إلا أن كل المحاولات باءت بالفشل، وفي الثاني من ديسمبر 2024، غرقت السفينة بالكامل واستقرت في قاع البحر الأحمر، لتبدأ قصة جديدة تحت الماء.

كما قررت محكمة جنح القصير حبس مالك وربان سفينة بضائع غرقت في الشعاب المرجانية بمنطقة القصير لمدة سنة مع الشغل وكفالة 500 جنيه، بالإضافة إلى غرامة لكل منهما 500 ألف جنيه، وألزمتهم بسداد نفقات إزالة آثار التلوث البترولي طبقًا لما تحدده الجهات البيئية المكلفة، كما ألزمتهما بأن يؤديا إلى المدعي بالحق المدني، وزارة البيئة، مبلغ 24 مليون و654 ألف دولار أمريكي أو ما يعادله بالجنيه المصري، ومبلغ 633 ألف جنيه تعويضًا عن الأضرار البيئية، حيث قدرت لجنة التعويضات بوزارة البيئة قيمة التعويضات من الأضرار البيئية والشاطئية والشعاب المرجانية بـ 24 مليون دولار.