لم يكن أحد من سكان مدن حلايب وشلاتين في جنوب محافظة البحر الأحمر يتوقع أن تتعرض مناطقهم لسيول مفاجئة، حيث جرت المياه في الأودية الجبلية العميقة وسط دهشة الجميع، لغياب أي تحذير مسبق من هيئة الأرصاد الجوية.

وأكدت مصادر مسؤولة في البحر الأحمر أن غرفة العمليات الرئيسية بالمحافظة لم تتلق أي إخطار أو توقعات مسبقة من هيئة الأرصاد حول احتمالية سقوط أمطار أو سيول في الجنوب، وأوضحت أن هذه الظاهرة الجوية جاءت بشكل مفاجئ وسريع، ولكن وقوعها في مناطق جبلية بعيدة عن التجمعات السكنية جنب المدن والأهالي أي خسائر بشرية أو مادية مباشرة، وأضافت المصادر أن الأجهزة التنفيذية تحركت على الفور لمتابعة الموقف ميدانيًا والتأكد من سلامة الطرق الجبلية المؤدية إلى حلايب وشلاتين وأبورماد.

شهود عيان من الأهالي أكدوا تدفق السيول عبر الأودية الجبلية، خاصة في وادي الدؤيب ومناطق جبلية منخفضة أخرى، ورغم أن السيول عادة ما ترتبط بالخوف من الكوارث في مناطق عديدة من مصر، فإن المشهد في الجنوب كان مختلفًا.

فقد عبّر الأهالي عن سعادتهم الغامرة، معتبرين أن «مياه السيول خيرٌ طال انتظاره»، إذ تمثل مصدرًا مهمًا لتغذية المزارع والمراعي الطبيعية التي يعتمدون عليها في تربية الثروة الحيوانية، يقول أحد الأهالي: «السيول عندنا حياة، هي التي تعيد للأرض خضرتها وتنعش المراعي»، مشيرًا إلى أن تلك الأمطار قد تغير وجه الموسم القادم للرعاة والمزارعين.

الأجهزة المحلية والتنفيذية في حلايب وشلاتين وأبورماد دفعت بفرقها الميدانية لمتابعة الوضع والتأكد من عدم تأثر الطرق الحيوية أو انقطاعها، كما تم ربط غرف العمليات بالمحافظة والوحدات المحلية للتنسيق المستمر مع الجهات المعنية مثل الحماية المدنية والطرق والكهرباء، تحسبًا لأي طارئ، وحتى اللحظة لم يتم تسجيل أي خسائر، فيما تتواصل عمليات الرصد والمتابعة الدقيقة.

وفتحت السيول الأخيرة الباب أمام تساؤلات حول فعالية أنظمة الإنذار المبكر بالأرصاد الجوية، خاصة في مناطق الجنوب التي تتميز بطبيعة مناخية وجغرافية معقدة، ويرى خبراء محليون أن هناك حاجة لتعزيز التعاون بين الجهات المعنية والاعتماد على محطات رصد جوية إضافية في الجنوب لرصد التغيرات المناخية المفاجئة.

ورغم الأمطار والسيول، فإن أهالي جنوب البحر الأحمر اعتادوا التعامل معها كنعمة لا نقمة، فهم ينظرون إليها باعتبارها مصدرًا لتجديد الحياة في الصحراء القاحلة، وبينما تنشغل الأجهزة التنفيذية بتأمين الطرق والمنشآت، يستعد السكان لجني ثمار تلك السيول التي ستترك أثرها في المزارع والوديان والمراعي لشهور قادمة.