اليوم الأحد 7 سبتمبر 2025، ستشهد الكرة الأرضية خسوفًا كليًا للقمر يمكن رؤيته بالعين المجردة في السعودية والدول العربية، بالإضافة إلى معظم مناطق آسيا وأستراليا، وكذلك الأجزاء الوسطى والشرقية من أوروبا وأفريقيا.

وبحسب الجمعية الفلكية بجدة عبر حسابها على فيسبوك، ستستمر مدة الخسوف من البداية إلى النهاية حوالي 5 ساعات و27 دقيقة، لذا يُنصح بمراقبة المرحلتين الجزئية والكلية، حيث تعدان الأسهل للرصد بالعين المجردة.

مدة الخسوف الكلي والجزئي:

ستبلغ مدة مرحلتي الخسوف الجزئي والكلي معًا 3 ساعات و29 دقيقة، بينما تستغرق مرحلة الخسوف الكلي وحدها 82 دقيقة، وهي مدة طويلة نسبيًا وتعتبر الأطول من نوعها منذ عام 2018، مما يجعل هذا الحدث مهمًا علميًا لدراسة ومراقبة الغلاف الجوي للأرض.

الخسوف الكلي للقمر:

يحدث الخسوف الكلي عندما تصطف الأجرام الثلاثة (الشمس والأرض والقمر) بشكل مثالي، بحيث يمر القمر عبر الجزء الداخلي من ظل الأرض المعروف باسم الظل، ويقع هذا الخسوف قبل حوالي يومين من وصول القمر إلى نقطة الحضيض (أقرب مسافة له من الأرض)، مما يجعل حجمه الظاهري عند ذروة الخسوف أكبر بنحو 3.2% مقارنة بالمتوسط.

مراحل خسوف القمر:

ستكون مراحل الخسوف متزامنة في جميع مناطق السعودية، حيث يبدأ القمر بالدخول إلى منطقة الظل الخارجي للأرض (شبه الظل) عند الساعة 06:28 مساءً، ويبدأ ضوءه بالخفوت، لكن يصعب ملاحظة ذلك بالعين المجردة، حيث يكون التغير في الإضاءة صغيرًا جدًا ولا يظهر بوضوح إلا باستخدام أجهزة فلكية

بعد ذلك، سيبدأ الحدث الرئيسي وهو الخسوف الجزئي عند الساعة 07:27 مساءً، حيث يبدأ القمر بالدخول في منطقة الظل الداخلي للأرض (الظل) ويفقد ضوءه تدريجياً، وفي هذه المرحلة يمكن رؤية شكل ظل الأرض المقوس على سطح القمر، وهي إحدى الطرق القديمة التي استخدمها العلماء لإثبات كروية الأرض

وعند الساعة 08:30 مساءً، سيبدأ الخسوف الكلي حيث يصبح القمر داخل منطقة الظل بالكامل، وخلال الدقائق الأولى من الخسوف، يمكن رصد لون أخضر مزرق على إحدى حواف القمر، ويفضل مشاهدته باستخدام منظار أو تلسكوب صغير، حيث ينشأ هذا اللون نتيجة مرور ضوء الشمس عبر طبقة الأوزون في أعلى الستراتوسفير، حيث يتم امتصاص معظم الضوء الأحمر ويسمح بمرور الضوء الأزرق

ذروة الخسوف الكلي للقمر:

ستبلغ ذروة الخسوف الكلي عند الساعة 09:11 مساءً، حيث يكون القمر في عمق ظل الأرض ويمر أسفل المركز، ويعتمد لون القمر الظاهر خلال هذه المرحلة على حالة الغلاف الجوي للأرض، فعادةً ما يظهر أحمر داكن نتيجة تشتت رايلي للضوء، وقد يميل إلى النحاسي أو البرتقالي إذا كان الجو محملاً بالغبار أو الرماد البركاني، بينما يظهر بنياً أو أصفر باهتاً إذا كان الجو صافياً مع بعض الغيوم الخفيفة، ولو لم يكن للأرض غلاف جوي، لكان القمر مظلماً بالكامل

يمكن أيضًا تصنيف سطوع الخسوف الكلي باستخدام مقياس دانجون الذي يتراوح من الدرجة 0 (داكن جداً) إلى الدرجة 4 (سطوع نحاسي أو برتقالي)، ويعد هذا المقياس مؤشراً على مدى صفاء أو تلوث الغلاف الجوي للأرض أثناء الخسوف.

موعد انتهاء الخسوف الكلي للقمر:

سينتهي الخسوف الكلي عند الساعة 09:54 مساءً، ثم تبدأ المرحلة الثانية من الخسوف الجزئي حتى الساعة 10:56 مساءً، حيث يستعيد القمر كامل إضاءته تدريجياً، ومع ذلك سيظل القمر في منطقة شبه ظل الأرض حتى الساعة 11:55 مساءً، وهي مرحلة عادةً غير ملاحظة بالعين المجردة لكنها تتيح الفرصة للعلماء لمراقبة التغيرات الدقيقة في ضوء القمر الناتجة عن الغلاف الجوي للأرض

يعد خسوف القمر الكلي فرصة مثالية للعلماء لدراسة الغلاف الجوي للأرض، حيث يسمح لون وسطوع القمر أثناء الخسوف بجمع بيانات دقيقة عن مكونات الغلاف الجوي في طبقة الستراتوسفير مثل الهباء الجوي والغازات والرماد البركاني.

كما أظهرت الأبحاث أن سطح القمر يبرد بسرعة كبيرة أثناء الخسوف الكلي، حيث قد تنخفض حرارته بأكثر من 100 درجة مئوية في أقل من ساعة، مما يساعد على دراسة الخواص الحرارية للسطح وفهم تركيب التربة والصخور بدقة أكبر.

تصوير الخسوف الكلي للقمر أمر يسير باستخدام كاميرا رقمية وعدسة تكبير، حيث تمنح مدة الحدث الطويلة فرصة لتجربة إعدادات مختلفة للحصول على أفضل النتائج، كما يُنصح باستخدام حامل ثلاثي القوائم لتثبيت الكاميرا وتقليل الاهتزاز والتقاط سلسلة من الصور خلال المراحل المختلفة للحصول على مجموعة متكاملة تظهر تغير اللون والسطوع.

يُشير إلى أن خسوف القمر لا يحدث شهريًا، لأن مدار القمر حول الأرض يميل بحوالي 5 درجات مقارنة بمدار الأرض حول الشمس، لذلك لا تصطف الشمس والأرض والقمر دائمًا على خط واحد، ففي بعض الأشهر يكون ظل الأرض مرتفعًا جدًا أو منخفضًا جدًا، فلا يمر القمر خلاله.

يستغرق القمر حوالي شهر كامل للدوران حول الأرض، وخلال هذه الفترة يلتقي مدار القمر ومدار الأرض عند نقطتين تسمى العقد، وعندما يمر القمر المكتمل عبر إحدى هذه العقد، يحدث خسوف القمر، لذا لا يحدث الخسوف كل شهر مما يجعل الخسوفات القمرية نادرة نسبيًا.

القمر الدموي:

أما مصطلح “القمر الدموي” الذي يُطلق على خسوف القمر الكلي، فهو ليس مصطلحًا علميًا، وانتشر عام 2013 استنادًا إلى نبوءات نهاية الزمان التي ربطت أربع خسوفات كلية متتالية بين عامي 2014 و2015، لذا يُفضل استخدام “القمر القرمزي” أو “خسوف القمر الكلي”، إذ تصف كلمة “قرمزي” في العربية اللون الأحمر العميق أو المائل للبنفسجي بدقة، بينما تحمل كلمة “دموي” إيحاءات سلبية وغير دقيقة علميًا.

هذا الخسوف ليس مجرد حدث فلكي، بل هو موعد كوني يتوحد فيه الجميع حول العالم تحت قبة سماء واحدة، ففي تلك اللحظات ينساب ضوء القمر المتحول إلى قرمزي داكن، حاملاً إلينا رسالة من أعماق الفضاء عن جمال الكون ودقة نظامه، ويذكرنا بأننا جميعًا مهما تباعدت أوطاننا، نشترك في سماء واحدة وننتمي إلى عالم واحد.