صدر العدد 89 من مجلة «الجوبة» الفصلية الثقافية في المملكة العربية السعودية، والتي تصدر عن مركز الأمير عبدالرحمن السديري الثقافي، وتسلط المجلة الضوء على الثقافة والفنون والآداب في المملكة والوطن العربي والعالم.
تضمن العدد ملفًا خاصًا يبرز تجربة الكاتب والروائي السعودي أحمد السماري، حيث تم تحليل دراساته ومقالاته التي تركزت حول نتاجه السردي وأهم المحطات في مسيرته الأدبية في فن الرواية، وفي الافتتاحية التي كتبها إبراهيم بن موسى الحميد، المشرف العام على المجلة، تم تسليط الضوء على التجربة الروائية لأحمد السماري التي تجذب الانتباه، مشيرًا إلى أن عددًا من رواياته وجهت بوصلة المهتمين نحو إبداعه، مما أثبت أنه من أبرز الكتاب في هذا المجال، كما أشار المقال الافتتاحي إلى قدرته على تصوير واقع الحياة الاجتماعية والثقافية في المملكة، كجزء من جيل من الرواد الذين أثروا المكتبة الروائية بأعمال مميزة.
وتناول إبراهيم بن موسى الحميد روايات أحمد السماري، مشيدًا برواية «ابنة ليليت» التي تمثل تحولًا سرديًا مهمًا في مسيرته، حيث خلقت فضاءات جديدة للتعبير عن الأصوات الطبقية المختلفة، مما أتاح له فرصة لخلق تجارب مليئة بالدهشة والغموض، كما أضاف أن رواية «قنطرة» تمكنت من توثيق جانب من حياة مدينة الرياض خلال الستينيات والسبعينيات، حيث تناولت مواضيع الفن والرياضة والحب والسجن والمعاناة، مع تصوير حياة المهمشين ومقاومتهم للتغيرات التي شهدتها المدينة.
وفي افتتاحية المجلة، تم التأكيد على أن رواية «الصريم» شهدت براعة السماري في تصوير التجارب الإنسانية بواقعية عميقة، حيث استلهم من حياة الآباء والأجداد في الصحراء، مما يعكس نجاحه في تقديم تجربة إنسانية غنية بالأهمية. واختتم إبراهيم بن موسى الحميد الافتتاحية بالتأكيد على تفرد أحمد السماري ككاتب واعٍ بمكانه وزمانه، مما جعله يحجز مكانه بين كتاب الرواية، حيث استطاع أن يبرز تجربة توثق المنطقة التي كانت دائمًا خارج نطاق الكتابة، وتحتاج إلى من يسلط الضوء عليها، فهي تمثل جزءًا من هويتنا جميعًا.
وفي ملف العدد، نجد دراسة بعنوان «سرديات الهوية والواقعية السحرية وانشغالات أخرى في منجز أحمد السماري» للكاتب أحمد الشيخاوي، بالإضافة إلى مقالات للدكتور أحمد اللهيب حول المكان كأيقونة سرد في رواية «قنطرة»، ودراسة للدكتورة إيمان عبدالعزيز المخيلد عن تحولات الهوية في نفس الرواية، كما كتب أحمد الجميد مقالًا بعنوان «ابنة ليليت.. أن تكون مُنتمياً»، واختتم الملف بمقابلة أجراها عمر بوقاسم مع الروائي أحمد السماري.
أما في موضوعات العدد، فنجد دراسة كتبها هشام بن الشاوي عن كتاب الدكتور عبدالواحد خالد الحميد “الاقتصاد الثقافي ودعم الثقافة والإبداع في المملكة العربية السعودية”، ومقابلة مع الدكتور عبدالرزاق المصباحي أجراها ياسين حكان، كما كتبت ملاك الخالدي عن مجموعة “رائحة الطفولة” للقاص عبدالرحمن الدرعان، وواصل حامد بن عقيل الكتابة عن الأدب الأرجنتيني في القرن العشرين متناولاً جهود “بورخيس”، بينما رصدت الدكتورة سميرة الزهراني توظيف الموروث في شعر شعراء الباحة من خلال دراسة تحليلية ثرية.
وفي العدد أيضًا، نجد مقال عمر أبوالهيجاء حول كتاب «الرواية والفلسفة»، وتحليل فداء الحديدي للزمن في القصة القصيرة، كما كتب المهندس فرحان بن خالد البليهد عن ضرورة إنشاء هيئة لتنظيم المرور والطرق في المدن، وسلط عبدالله السمطي الضوء على مشاهد من الحياة الأدبية للشاعر عابد إبراهيم العابد الجوفي، بينما تناول محمد بن عبدالرزاق القشعمي عبد الله بن عبد الرحمن الدويش وطبان، ونقرأ لصفية الجفري “جرح الكفاية”، ولإبراهيم الزولي «أرواح معلقة تحت شجرة بيكيت»، كما تحدثت فخرية الشايع عن «سيرة العطر»، واختارت هناء جابر أن يكون مقالها بعنوان «عن نقد الإنحياز العاطفي»، وجاء مقال خلف سرحان القرشي بعنوان «السؤال بوصلة الإيمان».
ونشرت المجلة في هذا العدد نصوصًا للعديد من الكتّاب مثل عبدالكريم بن محمد النملة، وصباح حمزة فارسي، ونادية أحمد محمد محمود، وليّنا فيصل المفلح، ومحسن علي السهيمي، وناهده شبيب، والعياشى ثابت، ونوره عبيرى، وأميرة صبياني.
كما تضمن العدد تحقيقات تناولت موضوع «زراعة النوادر بالجوف تجارب زراعية فردية إلى المعارض»، بالإضافة إلى تحقيق عن «أصوات الحرف في الجوف بين الأصالة والتجديد»، وقد كتبت التحقيقين الصحفية دينا الخالدي من سكاكا، ومن العناوين الأخرى في العدد: «مدائح تائهة» و«رسالة الرجاس اليمامي»، واختتم العدد بمقال لأحمد بوقري عن رواية «حجاب الساحر» لأحمد الشهاوي، فيما قدمت مها الملحم لوحة الغلاف التي عكست رؤية فنية جديدة لقلعة زعبل في سكاكا الجوف.
تجدر الإشارة إلى أن «الجوبة» مجلة ثقافية تصدر كل ثلاثة أشهر، ضمن برنامج النشر ودعم الأبحاث بمركز عبد الرحمن السديري الثقافي في منطقة الجوف، وقد تمكنت المجلة من تأسيس نفسها كمنبر ثقافي يجمع بين الأصالة والمعاصرة، ويدعم الثقافة والآداب والفنون العربية بجميع تجلياتها، معبرة عن الحضارة العربية واهتمامها بتسليط الضوء على الثقافة والفكر الإنساني، فجاءت أعدادها مميزة في موضوعاتها، أنيقة في إخراجها، غنية في أطروحاتها.