«الدوري الإسباني لا يمنع رفع الأعلام الفلسطينية، ولن يمنعها مستقبلًا، فما يحدث في غزة صعب جدًا وقاسٍ».
بهذه الكلمات الواضحة، عبّر خافيير تيباس، رئيس رابطة الدوري الإسباني «الليجا»، عن دعم بلاده الشعبي والرياضي للقضية الفلسطينية، مما أثار تساؤلات عديدة حول أسباب هذا التضامن الملحوظ، ولكن الأمر لم يتوقف عند حدود الرياضة، بل امتد إلى مواقف سياسية جريئة وصريحة ضد إسرائيل.
تصريحات سياسية غير مسبوقة
في ظل العدوان الإسرائيلي على غزة، خرجت إيون بيلارا، القائمة بأعمال وزير الحقوق الاجتماعية في إسبانيا، لتوجه اتهامًا مباشرًا لإسرائيل بارتكاب «إبادة جماعية مخططة»، مشيرة إلى أن الاحتلال يحرم مئات الآلاف من الطعام والماء والكهرباء، ويقصف المدنيين في انتهاك صارخ للقانون الدولي.
We ask our partner that، as the Government of Spain، we bring Netanyahu before the International Criminal Court for war crimes. Here is my official statement 👇.
— Ione Belarra (@ionebelarra).
ولم يكن هذا الموقف فرديًا، إذ دعا بيدرو سانشيز، القائم بأعمال رئيس الوزراء، الشعب الإسباني للتظاهر دعمًا لفلسطين، ورفضًا للضغوط الأمريكية الداعمة لإسرائيل، وبالفعل، استجاب الشارع الإسباني، وامتلأت الساحات من مدريد إلى كاتالونيا والباسك بمسيرات رُفعت فيها شعارات «فلسطين حرة».
مشهد تاريخي من إسبانيا، تحديدًا إقليم الباسك، حيث رفع الجمهور لافتة ضخمة دعمًا لفلسطين «سنكون بجانبكم من اليوم وحتى آخر يوم».
إسبانيا كسبت قلوب الجميع بهذه المواقف التاريخية.
— MO (@Abu_Salah9).
من الشارع إلى المدرجات.
لم تقتصر المشاهد على السياسة والشوارع، فالملاعب الإسبانية أصبحت منصات دعم لفلسطين، حيث رفعت جماهير ريال سوسيداد الأعلام الفلسطينية في مباراة فريقها أمام مايوركا، كما فعلت جماهير أوساسونا عندما واجهت غرناطة.
🔵 الحكومة الإسبانية تُعطي الضوء الأخضر لإقامة مباراة ودية بين منتخب الباسك وفلسطين، ومن المقرر إقامتها في نوفمبر على ملعب بلباو ✅.
مقطع للشعب الإسباني أثناء دعمه لفلسطين.
— منتخب إسبانيا (@spain_national).
مدرجات إسبانيا: الإجابة سيلتيك
لم تكن المدرجات الإسبانية حالة استثنائية في أوروبا، حيث لطالما رفع مشجعو سيلتيك الأسكتلندي الأعلام الفلسطينية في ملاعبهم، مشيرين إلى تشابه نضال الفلسطينيين ضد الاحتلال مع نضال أجدادهم الأيرلنديين ضد الاستعمار البريطاني، كما وجدت الجماهير الباسكية والكتالونية في فلسطين مرآة لتاريخهم الطويل مع الاضطهاد في عهد الجنرال فرانكو.
تاريخ ممتد من المساندة
الدعم الإسباني للقضية الفلسطينية ليس جديدًا، ففي استبيان نشره موقع «YouGov» في مايو 2023، تصدرت إسبانيا قائمة الدول الأوروبية الغربية الأكثر تعاطفًا مع الفلسطينيين، في مقابل انحياز واضح من الولايات المتحدة لإسرائيل، وحتى عام 1986، كانت إسبانيا الدولة الوحيدة في أوروبا الغربية التي لم تعترف بإسرائيل رسميًا، مراعاة لعلاقاتها التاريخية مع العالم العربي.
وعندما اضطرت للاعتراف بها للانضمام إلى الجماعة الاقتصادية الأوروبية، سارعت في نفس اليوم للإعلان عن دعمها للحقوق الفلسطينية في مواجهة الاحتلال، وكانت العلاقة مع منظمة التحرير الفلسطينية وثيقة، حيث افتتحت المنظمة مكتبًا تمثيليًا في مدريد عام 1979، واستقبلت إسبانيا الزعيم الراحل ياسر عرفات استقبالًا رسميًا غير مسبوق في أوروبا الغربية.
لذلك، عندما نرى الأعلام الفلسطينية في شوارع مدريد، وفي مدرجات أوساسونا وسوسيداد، ندرك أننا أمام موقف شعبي متجذر عاطفيًا وجماهيريًا، جعل من إسبانيا حكومة وشعبًا داعمين بشكل كبير عبر عقود من التضامن مع القضية الفلسطينية.