احتفلت كلية الإعلام بجامعة القاهرة اليوم الأحد بمرور خمسين عامًا على تخرج أول دفعاتها (1975- 2025)، وذلك برعاية الدكتور محمد سامي عبدالصادق رئيس الجامعة، والدكتورة ثريا أحمد البدوي عميدة الكلية، وإشراف الدكتورة ليلى عبدالمجيد العميد الأسبق للكلية، بحضور أحمد المسلماني رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، بالإضافة إلى مجموعة من الشخصيات الإعلامية والأكاديمية.
بدأت فعاليات الاحتفالية بكلمة من الدكتورة ليلى عبدالمجيد، حيث عبرت عن سعادتها بالمشاركة في تنظيم هذا الحدث المميز، وأشارت إلى شعورها بالانتماء إلى هذه الدفعة بشكل غير مباشر، موضحة أن الاحتفال يكرّم دفعة متميزة أثبتت جدارتها في مختلف المجالات، حيث تميز أبناؤها بكونهم مدراء تحرير وسفراء حققوا نجاحات ملحوظة، كما أن هذه المناسبة تحمل بُعدًا رمزيًا مهمًا يتمثل في تكريم الآباء المؤسسين لمعهد الإعلام الذين ساهموا في وضع الأسس الأولى لمسيرة الكلية وأجيالها المتعاقبة.
وفي كلمتها، وجهت الدكتورة ثريا أحمد البدوي تحية خاصة إلى خريجي الدفعة الأولى، مؤكدة أنهم جسّدوا حقيقة أن الحلم يمكن أن يتحقق، مشيرة إلى أن هذه الدفعة أثبتت أن الكلمة ليست مجرد وسيلة للتعبير، بل هي واجب ورسالة، وأن الإعلام الحر والمسؤول يحقق أثره الحقيقي في المجتمع، كما وجهت الشكر للدكتورة ليلى عبدالمجيد، التي كانت وراء فكرة تنظيم هذه الاحتفالية، مؤكدة أنها العمود الفقري لهذا الحدث الذي جمع الأجيال في لحظة فخر واعتزاز.
من جانبه، عبر أحمد المسلماني عن سعادته بالمشاركة في هذه الاحتفالية، مستعيدًا ذكرياته مع كلية الإعلام عندما كان أحد كتّاب صحيفة صوت الجامعة، لافتًا إلى حضوره لعدد كبير من المحاضرات، حيث كانت القاعات الدراسية تجمع بين طلاب كليات السياسة والاقتصاد والإعلام.
وأشار المسلماني خلال حديثه إلى محطات فارقة في تطور الإعلام، بدءًا من تأسيس شبكة IBM عام 1911، مرورًا بظهور الهاتف المحمول عام 1983، ثم انهيار الاتحاد السوفيتي وبروز الإنترنت عام 1991، وصولًا إلى تأسيس شركة جوجل عام 1998 وظهور منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك ويوتيوب عام 2005، ومنصة نتفليكس عام 2007، وانطلاق عصر الذكاء الاصطناعي عام 2015 مع تأسيس شركة OpenAI، مؤكدًا أن هذه التحولات لم تغير العالم فحسب، بل أثرت بشكل مباشر على المشهد الإعلامي.
وبالتركيز على دور الهيئة الوطنية للإعلام، أكد المسلماني أن اتحاد الإذاعة والتليفزيون يشهد العديد من التطورات، موضحًا وجود توجيه رئاسي لإنشاء منصة رقمية جديدة تحت مسمى ماسبيرو بلس، والتي ستساعد في تقديم المحتوى الإعلامي المصري بأساليب عصرية، مضيفًا أن وثائقيات ماسبيرو أصبحت قادرة على منافسة القنوات العالمية، وأن مبادرة «لسان ماسبيرو للإبداع» منحت جوائز وتكريمات لشخصيات بارزة في المجال.
واختتم المسلماني كلمته بالإشارة إلى أن مصر دولة غنية بتاريخها وإرثها الثقافي والإعلامي، لذا يجب أن يتجاوز هدفها جمع مشاهدات محلية، وينبغي أن تتوجه بخطابها الإعلامي إلى العالم أجمع، وهو ما بدأ يتحقق من خلال إنتاج محتوى بلغات متعددة عبر منصات ماسبيرو.
وأكد الدكتور محمد منصور هيبه، المستشار الإعلامي لجامعة القاهرة، أن احتفالية كلية الإعلام اليوم تأتي لتكريم جيل الرواد والاحتفاء بمرور اليوبيل الذهبي على تأسيس الكلية، مشددًا على أن هذا الجيل هو «الجيل الذهبي» الذي زرع وغرس، بينما تجني الأجيال الحالية ثمار جهوده، موجها التحية للرواد والدفعة الأولى من خريجي الكلية، واصفًا إياهم بأنهم أصحاب رسالة متميزة رسخت قيم الإعلام الحر والمسؤول، ومؤكدًا أنهم خير خلف لخير سلف بما يقدمونه من قدوة ونموذج للأجيال الجديدة.
وخلال كلمته كممثل عن الدفعة الأولى لعام 1975، استعاد الدكتور حسن عماد مكاوي ذكريات دفعة الرواد، مشيرًا إلى أن الالتحاق بالكلية كان يتم عبر اختبارات شديدة الصعوبة، وأن عدد المقبولين لم يتجاوز 250 طالبًا تم اختيارهم بعناية، موضحًا أن معهد الإعلام في بداياته لم يكن له مقر ثابت، إذ بدأت الدراسة داخل كلية الحقوق، ثم انتقل الطلاب إلى معهد الإحصاء، قبل أن تستقر الدراسة لاحقًا في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية لمدة قاربت ربع قرن.
وأشار العميد الأسبق للكلية إلى أن غياب المواعيد المحددة للجداول ساعد في تنويع مصادر المعرفة وتنمية المهارات لدى الطلاب، حيث كانوا يعتمدون على أكثر من مصدر في تحصيل المادة الدراسية، مضيفًا أن الدفعة الأولى تميزت بروح التلاحم، إذ كان الجميع يعرف بعضهم بعضًا، مما أسهم في تشكيل علاقات قوية انعكست على مسيرتهم المهنية لاحقًا، واختتم كلمته بالإشارة إلى أن زملاءه من أبناء هذه الدفعة انتشروا للعمل في مختلف القنوات والمؤسسات الإعلامية، مقدمين نموذجًا رائدًا للأجيال التالية.
جدير بالذكر أن الدفعة الأولى من خريجي الكلية ضمت نحو 200 طالب التحقوا بالمعهد العالي للإعلام عام 1971 قبل تحوله إلى كلية عام 1974، حيث جرى قبولهم آنذاك عبر اختبارات تحريرية ومقابلات شخصية خارج مكتب التنسيق.