تعاون مرشدو الغوص والباحثون والعاملون في الأنشطة البحرية يشكل خط الدفاع الأول للرصد البيئي في أعماق البحر الأحمر، إذ يعدّون العيون الساهرة التي تتابع أي تغييرات أو ظواهر غير طبيعية تحت الماء، فوجودهم اليومي في مواقع الغوص والصيد والرحلات البحرية يمنحهم القدرة على رصد المؤشرات المبكرة لتهديدات بيئية أو ظهور كائنات بحرية جديدة، كما أنهم يكتشفون حالات نفوق الأسماك والثدييات البحرية أو أي ظواهر تتعلق بالشعاب المرجانية، وهذا الدور لا يقتصر على الرصد فقط، بل يمتد إلى التعاون مع أجهزة حماية البيئة والمحميات الطبيعية والجهات البحثية من خلال الإبلاغ السريع وتوثيق الظواهر بالصور والمشاهدات الميدانية، مما يسهم في اتخاذ قرارات عاجلة لحماية الموارد الطبيعية ويعكس صورة إيجابية لمصر في استخدام الموارد الطبيعية واستدامتها، كما أن تفاعل مرشدي الغوص والسياح والعاملين بالنشاط البحري يعزز من وعي المجتمع بأهمية البيئة البحرية، ويحوّلهم إلى شريك أساسي في جهود الحفاظ على التنوع البيولوجي والحياة البحرية.

على امتداد شواطئ البحر الأحمر، حيث تتنوع الشعاب المرجانية وتزدهر الحياة البحرية بألوانها الفريدة، يلعب الغواصون دورًا حيويًا يتجاوز حدود المتعة السياحية أو المغامرة الشخصية، فالغواصون، إلى جانب الباحثين والعاملين في الأنشطة البحرية، يمثلون خط الدفاع الأول في منظومة الرصد البيئي، إذ يشكلون العيون الساهرة التي تتابع عن قرب أي تغييرات أو ظواهر غير طبيعية تحت سطح الماء.

يؤكد بدوي عبدالله، مرشد غوص، أن وجود الغواصين الدائم في مواقع الغوص والصيد والرحلات البحرية يجعلهم الأقدر على التقاط المؤشرات المبكرة لتهديدات بيئية قد لا تُكتشف بالسرعة الكافية عبر المسوحات الرسمية، مثل علامات تدهور الشعاب المرجانية، أو ظهور كائنات دخيلة قد تؤثر على التوازن البيئي، أو حتى حالات نفوق جماعي لأسماك أو ثدييات بحرية، فهذه الملاحظات الميدانية لا تظل حبيسة ذاكرة الغواصين، بل تتحول إلى تقارير وصور ووثائق تُسلم إلى الجهات المعنية بحماية البيئة، لتكون أساسًا في اتخاذ قرارات عاجلة وفعالة.

الكابتن أحمد بيجو، مدرب الغوص ومنظم الرحلات البحرية وأحد المتعاقدين مع محميات البحر الأحمر، يوضح أن الغواصين لا ينظرون إلى البحر كمساحة للعمل أو السياحة فقط، بل يعتبرونه بيتهم الثاني الذي يسعون للحفاظ عليه بكل الوسائل، مشيرًا إلى أن وجودهم بشكل يومي في مواقع مختلفة على طول ساحل البحر الأحمر يجعلهم الأكثر قدرة على ملاحظة أي تغيرات أو مخاطر تهدد الشعاب المرجانية والكائنات البحرية، فهم أول من يكتشف علامات التدهور أو أي ظواهر غير معتادة.

بيجو يضيف أن التعاون مع المحميات الطبيعية يتم بشكل مباشر وسريع، حيث يجري الإبلاغ عن أي ملاحظات ميدانية مدعمة بالصور والفيديو، لتسهيل اتخاذ القرارات من جانب الجهات الرسمية، كما أن هذا الدور لا يقتصر على الرصد، بل يمتد إلى رفع وعي السياح والزائرين خلال الرحلات البحرية، إذ يتم توجيههم إلى كيفية الاستمتاع بجمال الأعماق دون الإضرار بها، مثل تجنب لمس الشعاب المرجانية أو مطاردة الكائنات البحرية.

الكابتن علي سعيد، أحد مدربي الغوص بالبحر الأحمر، يؤكد أن الغواصين يلعبون دورًا لا يقل أهمية عن دور الباحثين والعلماء في متابعة البيئة البحرية، بحكم تواجدهم الدائم في مواقع الغوص ورؤيتهم المباشرة للتغيرات التي قد تحدث في أعماق البحر، موضحًا أن الغواص يستطيع أن يلتقط تفاصيل دقيقة لا يمكن ملاحظتها بسهولة من خلال الدراسات الدورية، مثل تغير لون بعض الشعاب المرجانية أو ظهور سلوك غير مألوف لدى الأسماك.

سعيد يشير إلى أن الكثير من الإنذارات المبكرة الخاصة بحدوث مشكلات بيئية جاءت من الغواصين، وأن هذا الدور ساعد في إنقاذ مواقع غوص مهمة من التدهور، مضيفًا أن مراكز الغوص تنسق مع المحميات لتسجيل أي ملاحظات جديدة، وهذا التعاون أثبت فعاليته في السنوات الأخيرة.

كما يشير إلى أن المسؤولية البيئية للغواص لا تقتصر على الرصد فقط، بل تشمل أيضًا التوعية، حيث يقوم الغواصون بتوجيه السياح والزائرين إلى كيفية التعامل السليم مع البيئة البحرية، من خلال الالتزام بتعليمات السلامة والابتعاد عن السلوكيات التي قد تضر بالكائنات البحرية، مؤكدًا أن مهمة الغواص اليوم لم تعد مجرد إرشاد سياحي، بل أصبحت رسالة لحماية البحر الأحمر وضمان استدامته كوجهة عالمية للغوص.

خبراء البيئة يؤكدون أن الغواصين يمثلون «نظام إنذار مبكر» لأي خلل بيئي في البحر الأحمر، حيث يقول أحد الباحثين في مجال الأحياء البحرية: «الغواص هو أول من يلمح التغيرات الدقيقة التي قد تمر دون ملاحظة، مثل اختلاف لون المرجان أو تغير سلوك بعض الأنواع البحرية، وهذه التفاصيل الصغيرة إذا لم تُسجل قد تتطور إلى أزمة بيئية واسعة النطاق.»

مدربو الغوص يؤكدون أن مسؤولية الغواص لا تقتصر على الرصد والتوثيق، بل تمتد إلى رفع وعي السياح والمشاركين في الرحلات البحرية، فكل إرشاد يوجهه الغواص للزائر بعدم لمس الشعاب أو إلقاء المخلفات في البحر هو جزء من منظومة حماية متكاملة، مشيرين إلى أن السياحة المستدامة لا يمكن أن تقوم إلا على أساس من الوعي البيئي، وأن الغواصين هم من يتولون هذه المهمة على الخطوط الأمامية.

الجهات الحكومية تدرك قيمة هذا التعاون، إذ تعتمد أجهزة حماية البيئة في البحر الأحمر على المعلومات الواردة من الغواصين وأصحاب المراكز السياحية، وتعتبرها مكملًا رئيسيًا للجهود البحثية التي يقومون بها، وقد تم بالفعل رصد العديد من الظواهر المهمة بفضل هذه الشراكة، مثل تتبع أماكن تكاثر السلاحف البحرية، وتوثيق تحركات أسماك القرش، ورصد حالات نادرة من الدلافين المهددة ورصد الكائنات البحرية المهاجرة مثل سمكة الشمس والقرش الحوتي والحوت الأحدب والدولفين القاتل الكاذب.

السياح الأجانب يرون في الغواصين سفراء للبيئة البحرية، حيث يقول أحد السياح الألمان المقيمين بالغردقة: «عندما نغوص برفقة مرشدين محليين نشعر أنهم لا يحمون حياتنا فقط، بل يحمون البحر نفسه، يشرحون لنا كيف نتصرف داخل الماء ليبقى البحر الأحمر كما هو جنة للحياة البحرية.»

تحويل الغواصين والعاملين بالنشاط البحري إلى شريك أساسي في منظومة الرصد والحماية ليس خيارًا، بل ضرورة تفرضها التحديات المتزايدة، فمع ضغوط التغير المناخي والأنشطة البشرية، لم يعد ممكنًا الاعتماد فقط على الدراسات الدورية، بل بات لزامًا إشراك كل من يعيش البحر يوميًا في هذه المهمة، وهكذا، يصبح الغواص ليس مجرد عاشق للمغامرة أو مرافق للسياح، بل حارسًا حقيقيًا للأعماق، وخطًا أول لا غنى عنه لحماية ثروات البحر الأحمر الطبيعية.

الدكتور أحمد غلاب، مدير عام محميات البحر الأحمر، يؤكد أن مرشدي الغوص ليسوا فقط شركاء في الرصد البيئي، بل هم شريك أساسي تعتمد عليه منظومة الحماية البيئية بالبحر الأحمر، موضحًا أن وجودهم الدائم في مواقع الغوص وعلى امتداد الشعاب المرجانية يجعلهم الأقدر على ملاحظة أي تغيرات قد تهدد النظام البيئي البحري، سواء كانت نفوقًا مفاجئًا لأسماك أو ثدييات، أو إصابات تصيب الشعاب المرجانية نتيجة التلوث أو الممارسات البشرية الخاطئة.

غلاب يشير إلى أن المحميات الطبيعية تتلقى بشكل دوري تقارير وبلاغات من مرشدي الغوص ومراكز الغوص، ويتم التعامل معها كوثائق رسمية ضمن قاعدة البيانات البيئية التي يجري تحديثها باستمرار، وقد أسهمت هذه البلاغات في رصد العديد من الظواهر المهمة خلال السنوات الماضية، مثل حالات نادرة لهجرة بعض أنواع السلاحف والدلافين، ورصد ظهور كائنات دخيلة كان من الممكن أن تهدد التوازن البيئي لو لم يتم التنبه لها مبكرًا.

مدير عام محميات البحر الأحمر يضيف أن التعاون بين الغواصين والجهات الرسمية أسفر عن نجاحات ملموسة في سرعة الاستجابة، كما نوه غلاب إلى أن هذا التعاون لا يقتصر على الرصد فقط، بل يمتد إلى المشاركة في حملات التوعية والأنشطة التدريبية التي تهدف لرفع وعي المجتمع المحلي والسياح بأهمية الحفاظ على الشعاب المرجانية والثدييات البحرية، واختتم غلاب تصريحه بالتأكيد على أن الغواصين يمثلون «عيون البحر» التي لا غنى عنها، وأن حماية البحر الأحمر بموارده الطبيعية الفريدة لن تكتمل إلا بمشاركة كل من يعيش ويتعامل مع البحر بشكل يومي، مضيفًا أن استمرار هذا التعاون يعزز من مكانة مصر عالميًا كواحدة من أهم الوجهات البيئية والسياحية المستدامة، ويعكس مرشدو الغوص صورة إيجابية لمصر في حسن استخدام الموارد الطبيعية واستدامتها.