في إطار اهتمام مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء بمتابعة كل ما يتعلق بالتقارير والمؤشرات الصادرة عن المنظمات الدولية حول التطورات الاقتصادية العالمية، والتي تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على الاقتصاد المصري، ألقى المركز الضوء على التقرير الصادر عن «الوكالة الدولية للطاقة» الذي تناول أوضاع سوق النفط العالمية، مع التركيز على حجم الطلب والعرض المتوقع خلال عام ٢٠٢٥.
التقرير أشار إلى توقعات الوكالة بارتفاع الطلب العالمي على النفط بمقدار ٧٤٠ ألف برميل يوميًا على أساس سنوي في عام ٢٠٢٥، وهو ارتفاع طفيف مقارنة بالتوقعات السابقة، ويُعزى هذا الارتفاع إلى مرونة عمليات التسليم في الاقتصادات المتقدمة، بينما شهدت الاقتصادات الناشئة تباطؤًا نسبيًا في الاستهلاك، وقد تجاوز نمو الطلب في دول «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية» نحو ٨٠ ألف برميل يوميًا في النصف الأول من عام ٢٠٢٥ بدعم من انخفاض الأسعار، لكن من المتوقع أن يدخل في مرحلة انكماش في النصف الثاني، مما يجعل الاستهلاك السنوي للنفط في ٢٠٢٥ مستقرًا بشكل عام.
وعلى الجانب الآخر، ارتفع المعروض العالمي من النفط في أغسطس ليصل إلى مستوى قياسي بلغ ١٠٦.٩ مليون برميل يوميًا، مع استمرار تحالف «أوبك+» في تخفيف تخفيضات الإنتاج، واقترب المعروض من الدول غير الأعضاء في (أوبك+) من أعلى مستوياته على الإطلاق، وتشير التقديرات إلى أن الإنتاج سيرتفع بمقدار ٢.٧ مليون برميل يوميًا ليصل إلى ١٠٥.٨ مليون برميل يوميًا في عام ٢٠٢٥، ثم بزيادة ٢.١ مليون برميل يوميًا ليصل إلى ١٠٧.٩ مليون برميل يوميًا في عام ٢٠٢٦، وفيما يتعلق بمصافي النفط الخام، فقد شهدت إنتاجيتها ارتفاعًا حادًا في أغسطس بمقدار ٤٠٠ ألف برميل يوميًا لتصل إلى مستوى قياسي عند ٨٥.١ مليون برميل يوميًا، ومع ذلك، من المتوقع أن تتراجع بمقدار ٣.٥ مليون برميل يوميًا حتى أكتوبر مع تكثيف أعمال الصيانة الموسمية.
بناءً عليه، يُرجَّح أن يبلغ متوسط إنتاجية المصافي العالمية نحو ٨٣.٥ مليون برميل يوميًا في عام ٢٠٢٥، ونحو ٨٤ مليون برميل يوميًا في عام ٢٠٢٦، مع تباطؤ النمو من ٥٨٠ ألف برميل يوميًا إلى ٥٤٠ ألف برميل يوميًا على التوالي، ورغم ذلك، تظل هوامش أرباح التكرير قوية، حيث عوّض تحسن اقتصاديات البنزين جزئيًا التراجع الحاد في شقوق الديزل (Diesel cracks).
وفي سياق متصل، أظهرت بيانات مخزونات النفط ارتفاعًا بمقدار ٢٦.٥ مليون برميل في يوليو، لتصل الزيادة منذ بداية العام إلى ١٨٧ مليون برميل، ومع ذلك، ظلت المخزونات أقل بمقدار ٦٧ مليون برميل عن متوسطها لخمس سنوات، رغم الفائض الكبير الذي تراكم في الصين مؤخرًا، كما ارتفعت مخزونات دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بمقدار ٦.٩ مليون برميل، بما يتماشى مع الاتجاه الموسمي، ووفقًا للبيانات الأولية لشهر أغسطس، ظلت المخزونات العالمية مستقرة نسبيًا، حيث عوّضت زيادة إنتاج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية انخفاض حجم المخزونات من الشحنات البحرية العائمة من النفط.
التقرير أوضح أن العقوبات المشددة على إيران وروسيا لم تؤثر كثيرًا على الإمدادات رغم انخفاض صادرات البلدين في الأشهر الأخيرة، ومن المنتظر أن يؤدي حظر الاتحاد الأوروبي على المنتجات المكررة من النفط الروسي ابتداءً من مطلع ٢٠٢٦ إلى تغيير أنماط التجارة وربما خفض الإنتاج.
وأشار التقرير إلى أن قرار «أوبك+»، في ٧ سبتمبر الجاري، ببدء التراجع عن الشريحة الثانية من تخفيضات الإنتاج لم يحرك الأسعار كثيرًا، حيث خططت المجموعة لزيادة إنتاجها بمقدار ١٣٧ ألف برميل يوميًا في أكتوبر، لكن الزيادة الفعلية ستكون أقل نظرًا لأن بعض الدول مثل العراق والإمارات والكويت وكازاخستان تضخ بالفعل فوق حصصها.
لفت التقرير الانتباه إلى أن أكبر زيادة جاءت من السعودية ودول الشرق الأوسط، لكن معظم الكميات الإضافية جرى استيعابها محليًا في التكرير وتوليد الكهرباء، وفي الوقت نفسه، استمرت زيادة إنتاج الدول غير الأعضاء في «أوبك+» بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والبرازيل وكندا وجويانا والأرجنتين لتسجل مستويات قياسية، ويتوقع أن تضيف هذه المجموعة ١.٤ مليون برميل يوميًا في ٢٠٢٥ وأكثر من مليون في ٢٠٢٦، بينما تضيف «أوبك+» زيادات مماثلة تقريبًا.
اختتم التقرير بالتأكيد على أن نمو الطلب العالمي سيظل ثابتًا عند نحو ٧٠٠ ألف برميل يوميًا لكل من عامي ٢٠٢٥ و٢٠٢٦، لكن الفائض المتوقع في المعروض خلال النصف الثاني من عام ٢٠٢٥ قد يؤدي إلى تراكم غير مستدام في المخزونات بمعدل ٢.٥ مليون برميل يوميًا، رغم احتمال حدوث تقلبات نتيجة التوترات الجيوسياسية والسياسات التجارية والعقوبات.