يعتبر قسم الترميم وصيانة الآثار في المتحف المصري بالتحرير حجر الزاوية في جهود الحفاظ على التراث الحضاري، حيث يقوم بتنفيذ مهام علمية وفنية دقيقة تهدف إلى حماية القطع الأثرية الفريدة من عوامل التلف والزمن، وهو ليس مجرد ورشة عمل بل هو مختبر متخصص يمزج بين الخبرة التاريخية والتقنيات الحديثة، ليعيد إلى الأثر قيمته الجمالية والتاريخية.
وأشار المتحف المصري عبر صفحته الرسمية على «فيسبوك» اليوم إلى أن جهود أخصائي الترميم لا تقتصر على المعالجة الفيزيائية للقطع الأثرية فحسب، بل تشمل أيضًا توثيقًا دقيقًا لكل مرحلة من مراحل العمل، مما يوفر للباحثين والمؤرخين قاعدة بيانات غنية، وبالتالي يؤكد القسم على دوره المحوري في الحفاظ على الذاكرة الإنسانية، ويساهم في ضمان استمرار معرفة الأجيال القادمة بالتراث المصري القديم.
وقد تجسدت مهارة متخصصي الترميم في المتحف المصري من خلال التعامل مع العديد من القطع الحيوية الهامة، وإعادة ملامحها بعد آلاف السنين.
ومن الأمثلة على ذلك، الرسم الجداري المنقول من المقبرة رقم 100 في منطقة الكوم الأحمر بمحافظة قنا، الذي يعود تاريخه إلى حوالي 6000 عام، وهو أقدم مقبرة معروفة في مصر تحتوي على رسومات ملونة، نُقلت عام 1898 إلى المتحف المصري، وتولى المختصون في بدايات القرن العشرين مهمة إعادة بنائها وصيانتها، مستخدمين منهجيات علمية تضمن استقرار المادة الأثرية.
وقد أتاح هذا الجهد إمكانية دراسة محتوى الرسم الذي يصور قوارب أحدها تحت سقيفة تظلل شخصًا، ربما يكون صاحب المقبرة، وفي الناحية اليسرى السفلية يظهر رجل يسيطر بمقمعته على ثلاثة أسرى مقيدين، ويُعتقد أن المتوفي صاحب المقبرة كان إما حاكمًا أو فردًا من النخبة ذات المكانة المرموقة، مما يسهم في فهم أعمق للحقبة التاريخية التي يمثلها.