أوضح الدكتور أحمد يوسف أحمد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن الطريق أمام الفلسطينيين مليء بالتحديات، لكن لا بديل عن مواصلته، وأكد أن الخطوة الأولى تتمثل في توحيد الموقف العربي الدبلوماسي من خلال إعداد خارطة طريق مشتركة تركز على حماية المدنيين الفلسطينيين ووقف التهجير القسري، مع ضرورة الضغط السياسي المستمر على المؤسسات الدولية.

وفي هذا السياق، شدّد «يوسف» على أهمية تعزيز الجهود القانونية من خلال تكثيف التعاون بين المنظمات الحقوقية لتقديم ملفات موثقة أمام المحكمة الجنائية الدولية والهيئات الأممية، بما يضمن ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين بأسس مهنية متينة، كما دعا إلى حماية المؤسسات الحقوقية الفلسطينية من الضغوط المالية التي تمارسها واشنطن، من خلال فتح قنوات تمويل عربية وإقليمية بديلة، ووضع آليات شفافة للحوكمة المالية تتيح لهذه المؤسسات الاستمرار في أداء رسالتها، وأكد أن الجانب الإعلامي لا يقل أهمية عن الجانب القانوني، إذ يجب إطلاق حملة إعلامية وثقافية كبيرة بلغات متعددة، تعتمد على الشهادات الحية والأدلة الموثقة، وتستهدف في البداية الرأي العام العربي قبل أن تتوسع نحو الجمهور الأوروبي والدولي.

وأشار إلى أن المرحلة المقبلة تتطلب أيضًا الاستثمار في بناء قدرات التوثيق والاحتفاظ بالأدلة من خلال تدريب الميدانيين والمحامين على معايير الإثبات الدولي، بالإضافة إلى إنشاء منصات رقمية مؤمّنة لأرشفة الشهادات والوثائق، كما أوصى بتعزيز الروابط مع الحلفاء الدوليين من أحزاب وبرلمانيين ومنظمات مدنية في أوروبا، مما يسهم في خلق قوة ضغط مضادة للنفوذ الإسرائيلي والأمريكي.

ولفت إلى أن الرد على السياسات العدائية ضد المؤسسات الحقوقية ينبغي أن يكون مدروسًا ومنظمًا عبر ميثاق عمل يتضمن مسارات دبلوماسية وقانونية وإعلامية واقتصادية، بالتوازي مع تعبئة داخلية عربية تستثمر الزخم الدولي وتترجمه إلى فعاليات ثقافية وفنية وجماهيرية، ولم يغفل أهمية الحوار مع الأصوات الإسرائيلية المناهضة للجرائم، رغم قلة عددها، معتبرًا أنها قد تعمق الانقسام داخل إسرائيل وتكشف زيف الرواية الرسمية.

واختتم بالتأكيد على أنه من واجب الجميع توثيق الانتهاكات التي تطال المدافعين عن الحقوق، سواء من خلال التشويه أو القيود القانونية، ورفعها إلى المنظمات الدولية المختصة بحماية المدافعين عن حقوق الإنسان، قائلًا: «المعركة طويلة وصعبة، لكن لا سبيل أمامنا إلا الاستمرار فيها، فالعدالة لا تُمنح بل تُنتزع، وإن لم نتحرك بجدية ووعي ستكون التكلفة الإنسانية أكبر بكثير مما نتصور»