على الرغم من التحديات التي تواجه المرأة في ممارسة كرة القدم في الصعيد، تمكنت آمال حسن من إيجاد طريقها الخاص، حيث انتقلت بين اللعب والتدريب وصولًا إلى عالم التحكيم، لتصبح واحدة من أبرز الوجوه النسائية في الملاعب المصرية، ومع ضغوط العادات والتقاليد، وصعوبات السفر، والجمع بين الدراسة والعمل في التحكيم، كان الإصرار هو عنوان مشوارها.
في هذا الحوار، تتحدث آمال حسن عن رحلتها مع كرة القدم والتحكيم، والتحديات التي واجهتها، وطموحاتها المستقبلية.
■ كيف كانت بدايتك مع كرة القدم؟
– في عام 2014، كنت في سنتي الجامعية الثانية بكلية التربية الرياضية في جامعة أسيوط، حيث لاحظني أحمد حسين، أستاذ كرة القدم بالكلية، وأعجب بسرعتي أثناء أحد التدريبات، وأقنعني بالانضمام إلى فريق كرة القدم للسيدات بنادي الشبان المسلمين بأسيوط، وفي عام 2019، بدأت في مجال التدريب بالنادي تحت رعاية مشروع «ألف بنت.. ألف حلم» التابع لوزارة الشباب والرياضة.
■ ما الصعوبات التي واجهتك في بداية مشوارك؟
– نشأت في إحدى قرى مركز ساحل سليم، حيث كانت فكرة ممارسة الفتاة للرياضة بشكل عام مرفوضة وفقًا للعادات والتقاليد، في البداية لم يكن أهلي يعلمون، لأنني كنت أدرس في كلية التربية الرياضية، لكن بعد أن صارحتهم، كان الأمر مرفوضًا في البداية، حتى استطعت إقناعهم.
■ لو عاد بك الزمن، هل كنت ستستمرين لاعبة كرة قدم ومدربة، أم كنت ستتجهين مباشرة إلى التحكيم؟
– في الحقيقة، كنت أرغب في مواصلة مشواري كلاعبة كرة قدم، ثم الانتقال إلى التدريب، وبالفعل بدأت التدريب في نادي شبان أسيوط، وكنت أزور المدارس لأعرض فكرة لعب كرة القدم على الفتيات، وتقدم إلينا عدد كبير لدرجة أنني واجهت صعوبة في تدريب هذا العدد، وفي عام 2019 توليت تدريب فريق 2004 بنادي بترول أسيوط، قبل أن أترك التدريب وأتجه إلى التحكيم.
■ كيف كانت بدايتك مع التحكيم؟
– عرض عليّ الكابتن كريم عادل، مدربي في نادي شبان أسيوط، فكرة التحكيم، ورغم أنني رفضت في البداية، إلا أنني قررت خوض التجربة بعد إلحاحه، خاصة بعدما علمت بعدم وجود فتيات يمارسن التحكيم في الصعيد، وبما أنني بطبعي أحب التحدي، واصلت مشواري وبذلت أقصى جهد حتى أحقق النجاح.
■ ما أول مباراة قمت بتحكيمها؟
– لا أتذكر جيدًا، لكن أول مباراة رسمية كانت في مسابقة شباب مواليد 2005 بنادي درنكة، وكان معي الكابتن محمد طه، وقبل ذلك كنت أدير مباريات ودية لأندية القسمين الثالث والرابع.
■ كيف كان شعورك عند نزولك الملعب في أول مباراة كحكم؟
– كنت متوترة جدًا، كيف سأتعامل مع اللاعبين؟ ماذا سيحدث إذا اعترضوا على قراراتي؟ واجهت صعوبة في اتخاذ بعض القرارات، خاصة في حالات التسلل، وفي الشوط الأول كنت بالفعل مرتبكة، لكنني وجدت الدعم والتشجيع من باقي طاقم التحكيم.
■ لماذا اخترتِ أن تكوني حكمًا مساعدًا وليس حكم ساحة؟
– كنت أرغب في أن أكون حكم ساحة، لأنها تناسب شخصيتي، لكن البداية دائمًا تكون كحكم مساعد لاكتساب الخبرة والتعود على حساسية المباريات، وبعد سنتين من مشواري، طالبت بأن أُعين حكم ساحة، وبالفعل أُسندت لي مباراة، لكن عندما جاء وقت الاختيار بين حكم مساعد أو ساحة، قررت الاستمرار كحكم مساعد لعدم امتلاكي خبرة كافية في إدارة المباريات، ووقتها كنت قد تأقلمت على وجودي كحكم مساعد.
■ هل ممارستك لكرة القدم كلاعبة ساعدتك في التحكيم؟
– نعم، ساعدتني كثيرًا، لو لم أمارس اللعبة لما استطعت احتساب العديد من الحالات، فالكثير من اللاعبين يلجؤون إلى التحايل على الحكم، وتجربتي كلاعبة ساعدتني على التعامل مع هذه المواقف.
■ ما أصعب موقف تعرضت له كحكم؟
– في إحدى مباريات الدوري الممتاز للسيدات الموسم الماضي، اعترض أحد المدربين بشكل متكرر على قراراتي، بل وتعدى عليّ لفظيًا بعد المباراة، ورغم أنني دونت ذلك في التقرير، أصابني الموقف بغضب شديد، فبعد عناء السفر وصعوبة المواصلات لا يعقل أن أتحمل مثل هذه الإهانات، وقتها فكرت في اعتزال التحكيم.
■ ما سبب استمرارك في الدراسة الأكاديمية رغم انشغالك بالتحكيم؟
– كنت من أوائل دفعتي في كلية التربية الرياضية بجامعة أسيوط، وتم تعييني معيدة بها، وكان من الضروري استكمال مرحلتي الماجستير والدكتوراه وفقًا للتدرج الوظيفي.
■ كيف توفقين بين مسؤولياتك كأستاذة جامعية والتحكيم؟
– الأمر ليس سهلًا على الإطلاق، أسافر إلى القاهرة مرة أو مرتين أسبوعيًا، وأدرس في الكلية يومي الأحد والخميس، وفي حال وجود مباراة يوم الجمعة، أسافر فجرًا، أحيانًا يمر شهور دون زيارة أهلي.
■ هل دراستك الأكاديمية ساعدتك في التحكيم؟
– بالتأكيد، فهي في نفس المجال الرياضي، أُدرّس ألعاب القوى والجرى للمسافات الطويلة والقصيرة، وأعمل على زيادة القدرات البدنية، فعند خضوعي لاختبارات التحكيم أكون مستعدة، وأعرف كيف أضع برنامجًا بدنيًا يساعدني في تجاوزها، كذلك خلال المعسكرات أتمكن من توصيل المعلومة بشكل علمي.
■ ما موضوع رسالتي الماجستير والدكتوراه؟
– كانت رسالة الماجستير عن الوثب الثلاثي وتأثير استخدام الحبال المطاطية على القدرات البدنية، أما رسالة الدكتوراه فتناولت المضمار والمسافات المتوسطة.
■ هل هناك فرق بين تحكيم مباريات الرجال والسيدات؟
– نعم، هناك فرق كبير، مباريات الرجال تتسم بالسرعة، ومعدلات الجري أعلى بكثير من السيدات، فالقدرات البدنية مختلفة.
■ هل يوجد تمييز بين الرجال والسيدات في إسناد المباريات؟
– لا يوجد تمييز صريح، لكن هناك تخوف دائم من إسناد مباريات الدوري الممتاز أو القسم الثاني لطاقم نسائي، رغم أن العنصر النسائي قادر على إدارة مباريات الرجال بكفاءة عالية.
■ هل أدرت مباريات للرجال؟
– نعم، في أسيوط كثيرًا ما أدير مباريات للرجال، لكن على مستوى الدوري الممتاز أشارك في مباريات السيدات فقط.
■ ما نصيحتك للسيدات الراغبات في دخول مجال التحكيم؟
– التحكيم ليس أمرًا سهلًا، سيواجهن الكثير من الصعوبات، لذلك لا بد من الصبر، وتجاهل الانتقادات، والعمل على رفع معدلات اللياقة البدنية، ومتابعة التعديلات المستمرة في القوانين.
■ ما طموحاتك في الفترة القادمة؟
– إدارة مباريات الدوري الممتاز للرجال، والمشاركة في كأس العالم سواء للرجال أو السيدات.
■ من أكبر داعم لك في مسيرتك؟
– نفسي، كان لدي إصرار كبير على تجاوز الصعوبات، وكنت أثق في قدراتي وأدعم نفسي دائمًا، ولا أنكر فضل زملائي وأساتذتي، خصوصًا الدكتور أحمد حسين، الذي كان له الفضل الأكبر في دخولي مجال كرة القدم والتحكيم، ولا يزال يدعمني حتى الآن، كما أنني ممتنة لدعم أسرتي.
■ من مثلك الأعلى في التحكيم؟
– هناك أسماء كبيرة في مجال التحكيم، لكن الحكم الدولي السابق محمود أبو رجال يمثل أيقونة بالنسبة لي.
■ متى حصلتِ على الشارة الدولية؟ وما أول مباراة دولية أدرتِها؟
– حصلت على الشارة الدولية عام 2025، وكانت أول مباراة دولية لي بين الجيش الملكي المغربي وسوسة التونسي، ضمن بطولة شمال إفريقيا للسيدات.
■ ما أبرز مشكلات التحكيم المصري؟
– نحن أكثر من يتعرض للهجوم، في ظل غياب الدعم النفسي والإعلامي والجماهيري، فالحكم يتحمل ضغوطًا كبيرة داخل وخارج الملعب.
■ ما رأيك في رئيس لجنة الحكام الكولومبي أوسكار رويز؟
– منذ توليه المسؤولية وهو يعمل على تطوير الحكام ورفع لياقتهم البدنية، ويقيم العديد من المعسكرات لاختيار أصحاب الكفاءة، ويمنح الفرصة للجميع، إذا استمر مع المجموعة التي يعمل معها، سنرى نقلة كبيرة في التحكيم المصري.