ألقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم كلمة مصر في المؤتمر الدولي رفيع المستوى «من أجل التسوية السلمية لقضية فلسطين وتنفيذ حل الدولتين»، وذلك نيابة عن الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، في قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الأسبوع رفيع المستوى لاجتماعات الجمعية العامة في دورتها الـ 80، بحضور الدكتور بدر عبدالعاطي، وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، والسفير أسامة عبدالخالق، مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك.

افتتح رئيس الوزراء كلمته بالإشادة بالجهود التي بذلتها المملكة العربية السعودية وجمهورية فرنسا في تنظيم هذا المؤتمر المهم، الذي يعكس التزامنا الجماعي بحل الدولتين كسبيل وحيد لتحقيق السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط.

وقال الدكتور مصطفى مدبولي: «أتحدث إليكم باسم مصر، التي قادت على مدار أكثر من أربعين عامًا جهود إرساء السلام العادل والاستقرار في الشرق الأوسط، لأؤكد اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، أنه لا استقرار في الشرق الأوسط دون حل عادل وشامل يلبي الطموح المشروع للشعب الفلسطيني في قيام دولته المستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية»

وأضاف قائلاً: «دعونا نكون صرحاء، إن حل الدولتين ليس مجرد خيار سياسي أو التزام أخلاقي، بل هو ضرورة أمنية، فالطريق الوحيد لشرق أوسط آمن ومستقر ومزدهر هو ضمان حق الشعب الفلسطيني في الحرية والكرامة والاستقلال، كما أن الأمن لن يتحقق لإسرائيل عبر القوة العسكرية أو محاولة فرض الأمر الواقع، فتجاهل الحقوق الفلسطينية لن يؤدي إلا لمزيد من التصعيد وعدم الاستقرار، وغياب الأفق السياسي سيفتح الباب لمزيد من العنف والتطرف، وهذا ما أثبتته التطورات المتلاحقة في منطقتنا على مدار العامين الماضيين»

وأكد رئيس الوزراء، خلال كلمته، إدانة مصر الكاملة للعدوان الإسرائيلي المستمر على الأراضي الفلسطينية، وفي مختلف أنحاء المنطقة، وصولاً إلى السابقة الخطيرة لقصف دولة قطر الشقيقة، التي تشارك مع مصر في جهود الوساطة لإنهاء العدوان على قطاع غزة واستعادة الاستقرار.

وأشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن اعتماد الجمعية العامة لإعلان نيويورك يمثل لحظة تاريخية لتجديد التزام المجتمع الدولي بالعمل على تلبية حق الشعب الفلسطيني في الحصول على دولته المستقلة.

وقال: «تأمل مصر أن يشهد مؤتمرنا هذا اعترافاً فورياً وواسعاً غير مشروط بدولة فلسطين من جانب جميع الدول التي لم تقدم على هذه الخطوة بعد»

وأضاف: «لكن ما هو مطلوب منا اليوم أيضاً هو أن نبني على هذه التطورات من خلال خطوات عملية، تتيح إعادة إطلاق عملية سلام حقيقية، بأفق زمني محدد، للوصول لحل عادل ومستدام على أساس مقررات الشرعية الدولية المعترف بها»

وأكد رئيس الوزراء خلال كلمته أن مصر مستمرة في بذل كل الجهود للتوصل إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وهي تؤمن بوضوح أن التوصل لوقف إطلاق نار وإنهاء حمام الدم في غزة أمر ممكن، بقدر ما هو واجب وضروري، مشيراً إلى أن التقرير الخاص بلجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة يدق ناقوس الخطر ويوقظ كل ضمير إنساني، فقد كانت نتائجه واضحة في تأكيد ارتكاب إسرائيل جريمة الإبادة الجماعية ووقوع ركنيها المادي والمعنوي بحق المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة.

وشدد رئيس الوزراء خلال كلمته على موقف مصر، قائلاً: «وأؤكد أن مصر ترفض بصورة حاسمة أي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته، وهو ما يرقى إلى جريمة التطهير العرقي، ومن هنا، ستقوم مصر بمجرد التوصل لوقف إطلاق النار، باستضافة المؤتمر الدولي لإعادة الإعمار في قطاع غزة لحشد التمويل اللازم للخطة العربية الإسلامية لإعادة الإعمار بالتنسيق مع الحكومة الفلسطينية، بما يضمن بقاء الشعب الفلسطيني على أرضه، ومساعدته على تجاوز الخسائر الجسيمة التي سببها العدوان، وأدعو كل شركائنا في المجتمع الدولي للمساهمة في هذا الجهد للتعافي المبكر وإعادة الإعمار، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من أي تحرك جدي لتحويل حل الدولتين إلى واقع ملموس»

واختتم كلمته قائلاً: «إننا نقف اليوم أمام لحظة فارقة، فإما أن نؤسس لسلام عادل ودائم، يفتح أبواب الأمل لشعوبنا، أو نترك المنطقة رهينة للصراعات والعنف والفوضى، ومصر، بما تملكه من رصيد تاريخي وتجربة صادقة في صناعة السلام، تمد يدها للجميع، لإحياء الأمل في السلام والعمل من أجله، ورسالتها اليوم واضحة، أنه لا بديل عن حل الدولتين، ولا مستقبل للسلام دون دولة فلسطينية مستقلة تعيش جنباً إلى جنب في أمن وسلام مع إسرائيل، وقد آن الأوان لكي يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته لتحقيق هذا الهدف، وطي هذه الصفحة الأليمة من تاريخ المنطقة»