تعكس حالة الشارع المصري، وما يشهده من حوادث وتجاوزات مرورية في الفترة الأخيرة، التعديلات الجديدة التي أُقرت على لائحة قانون المرور، حيث تتجاوب هذه التعديلات بشكل واضح مع واقع لا يحتمل التساهل في إجراءات منح رخص القيادة، فبسبب الكوارث المؤسفة على الطرق، قررت الوزارة إعادة ترتيب الأولويات، مع وضع صحة السائق وسلامة الآخرين في مقدمة المعايير.
تضمنت التعديلات التي أجرتها وزارة الداخلية في المادتين 259 (الفقرة الأولى) و261 من اللائحة التنفيذية لقانون المرور، تغييرات دقيقة تحمل دلالةً كبيرة، تبدأ من لحظة تقدم المواطن للحصول على الرخصة، مرورًا بالفحص الطبي، ووصولًا إلى إثبات عدم تعاطيه للمواد المخدرة، وكلها نقاط لا تُترك للتلاعب أو التحايل على القانون.
أصبح الآن مطلوبًا من كل مواطن يرغب في الحصول على إحدى رخص القيادة المذكورة في البنود 2، 3، 4، 6، 8 من المادة (34) من القانون، إثبات لياقته الصحية بقرار من القومسيون الطبي المختص أو أي مركز طبي معتمد من وزارة الداخلية، ويتضمن هذا التقييم فحصًا دقيقًا لسلامة الجسم، والسمع، والخلو من الأمراض الصدرية، والجزام، والأمراض العقلية، والصرع، فضلًا عن القدرة على القيادة بأمان ودرجة الإبصار، مع ضرورة إثبات فصيلة الدم، ضمن مجموعة شروط أساسية ومُلزمة.
في المادة 261، تحدد التعديلات أن يكون الكشف الطبي من اختصاص القومسيون المخصص في المحافظة أو المراكز المعتمدة من الداخلية، كما نصّت التعديلات على أن نتيجة الكشف الطبي تسقط إذا لم يستكمل المواطن إجراءات صرف الرخصة خلال 90 يومًا من تاريخ توقيع الكشف، وهو ما يُعد خطوة تنظيمية لضبط فوضى التأجيل والتلاعب.
أما الجديد اللافت، فهو الإضافة إلى المادة (254) من اللائحة، التي تضمنت بندًا فرعيًا جديدًا ينص على إلزامية تقديم شهادة تثبت عدم تعاطي المخدرات، على أن تكون صادرة من القومسيون الطبي أو المراكز المعتمدة فقط، وتعكس هذه النقطة إدراكًا متناميًا بخطورة السائق المتعاطي، الذي قد يتحول من شخص خلف عجلة القيادة إلى قنبلة موقوتة في منتصف الطريق.
من جانبه، أوضح اللواء أحمد عاصم، الخبير المروري، في حديثه لـ«إقرأ نيوز»، الثلاثاء، أن هذه التعديلات لا تمثل عبئًا على المواطن، بل تعمل في جوهرها لصالحه، مضيفًا أن كل الإجراءات التي تتخذها وزارة الداخلية تهدف في الأساس إلى حماية المواطن، وتحقيق الصالح العام في ضوء ما نشهده على الطرق من حوادث متكررة، وكان لا بد من تدخل حاسم لوضع قيود صارمة تضمن الأمن والسلامة للجميع.
وأشار إلى أن أي محاولة للتلاعب من قبل بعض الأشخاص لا تضر إلا أنفسهم، لكن الوزارة من خلال الأكمنة ونقاط التفتيش في مداخل ومخارج المحافظات، تواصل العمل بتجديد مستمر يواكب أساليب التحايل، بل ويسبقها، فالوزارة تتعامل مع كل العقول بتفكير يفوق ما يصنعونه من اختراقات للقانون، مضيفًا: «يبقى الرهان الحقيقي على وعي المواطن، وإدراكه أن كل تعليمات أو ضوابط جديدة لا تستهدف التضييق عليه، بل تهدف أولًا وآخرًا إلى سلامته هو ومن حوله».