شارك الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، في اجتماع بعنوان «اليوم التالي ودعم الاستقرار في غزة» في مقر منظمة الأمم المتحدة بمدينة نيويورك، حيث حضر الاجتماع أيضًا أحمد أبوالغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، والدكتور عبدالعاطي بدر، وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين في الخارج، إلى جانب عدد من مسؤولي الدول العربية والأجنبية.

يأتي حضور رئيس مجلس الوزراء لهذا الاجتماع في إطار مشاركته على رأس وفد رفيع المستوى، نيابة عن الرئيس عبدالفتاح السيسي، في مؤتمر حل الدولتين، وافتتاح أعمال الشق رفيع المستوى للدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، التي تُعقد تحت شعار «معًا أفضل: 80 عامًا وأكثر من أجل السلام والتنمية وحقوق الإنسان»، وبدأ الدكتور مصطفى مدبولي حديثه خلال الاجتماع بتوجيه الشكر للرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» على دعوته لهذا الاجتماع، وجهوده لدعم الحقوق الفلسطينية، والتي أثمرت بالتعاون مع المملكة العربية السعودية عن عقد مؤتمر حل الدولتين بالأمس، مؤكدًا أن ذلك يمثل نقطة انطلاق بالنسبة لمصر نحو الوصول إلى حل عادل ومستدام للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، مع إنشاء الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، كما تقدم بالشكر للرئيس ماكرون على القرار التاريخي باعتراف فرنسا بدولة فلسطين.

في الوقت نفسه، أكد رئيس مجلس الوزراء ترحيب الدولة المصرية بكل الجهود التي تهدف إلى التوصل لتسوية سياسية للقضية الفلسطينية، وهو ما يتطلب دعم الجهود المبذولة من قبل الوسطاء للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة وحقن الدماء وإغاثة الشعب الفلسطيني، كما شدد على رفض وإدانة أي محاولات أو أفكار لتهجير الشعب الفلسطيني، محذرًا من خطورة أن يؤدي ذلك إلى توسيع نطاق الصراع وامتداده لدول المنطقة بشكل يصعب السيطرة عليه.

وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي «إن نجاح الأفكار المتعلقة بـ«اليوم التالي» في قطاع غزة وانتهاء جولات العنف يعتمد على عدم التعامل مع القطاع بمعزل عن مسببات وجذور الصراع، وعدم اقتصار ذلك على المقاربة الأمنية، حيث تم وضع إطار واضح لذلك بالخطة العربية الإسلامية لإعادة الإعمار، وكذلك بمؤتمر حل الدولتين الذي ترأسته فرنسا والسعودية، لذا فهناك ضرورة لأن ترتبط أي أفكار في هذا الصدد بمسار وآليات واضحة لتجسيد الدولة الفلسطينية، وأن يتم التعاطي مع غزة باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية، وكذلك بتكريس ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن، على أن يكون ذلك في إطار صفقة تبادل مع الأسرى الفلسطينيين، فضلاً عن أهمية أن تخضع الضفة الغربية وغزة لمنظومة حكم واحدة تتمثل في السلطة الفلسطينية».

وتابع رئيس الوزراء قائلًا: «نشدد على أهمية أن يكون لأجهزة الدولة الفلسطينية الحق الحصري في امتلاك السلاح، كما ندعم وجود ضمانات أمنية للجانبين الفلسطيني والإسرائيلي على حد سواء، وأن يتم ذلك من خلال دعم دولي، ينسحب ما تقدم بطبيعة الحال على عدم وجود دور لحماس أو أي فصيل فلسطيني آخر في حكم قطاع غزة، بل يجب أن تقوم جميع الفصائل المسلحة بتسليم سلاحها للسلطة الشرعية، وهي السلطة الفلسطينية».

واصل قائلًا: «إن التجارب السابقة في مجال نزع سلاح الجماعات المسلحة في الأزمات استندت إلى وجود اتفاق سياسي للتسوية يشمل، من بين أمور أخرى، نزع أو إلقاء السلاح، ومن المهم الإشارة هنا إلى أن التدمير الكامل لقطاع غزة والانتهاكات الجسيمة من قبل إسرائيل، والتي استمرت لمدة عامين كاملين دون توقف، لم تؤد بعد إلى اختفاء حماس أو نزع سلاحها، لذا لا نتوقع أن ينجح أي طرف، إقليمي أو دولي، في إتمام هذه المهمة من منطلق أمني أو عسكري بمعزل عن رؤية سياسية».

قال رئيس الوزراء: «نرحب بأن يشمل الدعم الدولي وجود بعثة على الأرض، على أن يتم تحديد مهامها من قبل مجلس الأمن، وذلك من خلال التعامل مع أفكار إرسال قوات دولية في سياق حزمة سياسية واحدة تمثل مسارًا لتجسيد الدولة الفلسطينية في غزة والضفة، بما في ذلك القدس الشرقية، وأن يكون من ضمن أهدافها الرئيسية منذ بداية مهامها تمكين السلطة الفلسطينية، وألا يتم اتخاذ أي خطوات على الأرض من شأنها تكريس الفصل القانوني أو السياسي أو الجغرافي بين الضفة الغربية وغزة».

وأضاف: «كما أنه من المهم التوصل إلى اتفاق/ توافق سياسي على ما تقدم، بما في ذلك من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل، وبضمان من أعضاء مجلس الأمن الدائمين، وعدم البدء في مسارات أمنية أو عسكرية دون ضمان الإطار السياسي لإقامة الدولة في سياق جدول زمني وآليات واضحة، وإلا اصطدمت جميع الترتيبات بعراقيل تنفيذية على الأرض تطيل من أمد الصراع، وتورط مزيدًا من الأطراف فيه، بالإضافة إلى أهمية المشاركة الفعالة لقوات أمريكية على الأرض لضمان التزام إسرائيل بما يتم الاتفاق عليه».

اختتم رئيس مجلس الوزراء كلمته قائلًا: «لقد بدأت مصر في إجراءات لتدريب قوات الأمن الفلسطينية، ونحن على استعداد للتوسع في ذلك بدعم من المجتمع الدولي، ومن ناحية أخرى، فإن مصر على استعداد لدعم أي جهود لإنشاء بعثة دولية لدعم عودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة وبناء الدولة الفلسطينية، ونرى ضرورة لتحقيق ذلك والعمل على التوصل لإطار سياسي توافق عليه إسرائيل والولايات المتحدة قبل الدخول في مناقشة تفاصيل ومهام البعثة، وهي التفاصيل التي ستتشكل بطبيعة الحال وفقًا لما سيتم الاتفاق عليه سياسيًا».