تم إنشاء منشآت حديثة وفقًا لأعلى المعايير الهندسية، وتم استثمار أكثر من نصف مليار جنيه بهدف إحداث تحول كبير في قطاع الثروة الحيوانية والمجازر بمحافظة البحر الأحمر، لكن المجزرين الآليين في مدينتي الغردقة والشلاتين، واللذين يُعتبران من أبرز المشاريع الاستثمارية في هذا المجال، لم يبدأا العمل رغم جاهزيتهما التامة وحاجة الأهالي والمربين والجزارين والمستثمرين إليهما.

في مدينة الغردقة، بدأ العمل في المجزر الآلي منذ حوالي 6 سنوات في عام 2019، على مساحة 12.5 فدان بتكلفة بلغت 380 مليون جنيه، وقد صُمم ليكون مركزًا متكاملًا للذبح الحديث، وتم الانتهاء من المرحلة الأولى من المجزر نصف الآلي، وتبلغ طاقته اليومية 200 رأس عجل و500 رأس غنم.

يحتوي المشروع على محطة لتحلية المياه بطاقة 500 متر مكعب يوميًا، ومحطة لمعالجة الصرف، ومصنع للمخلفات الحيوانية لإنتاج السماد العضوي، بالإضافة إلى وحدة لتصنيع علف الأسماك، وحظائر ومخازن للجلود ومبانٍ إدارية وخدمية وسكن للعاملين، ورغم اكتمال جميع التجهيزات المتطورة، إلا أن المجزر لا يزال ينتظر التشغيل، ويعود السبب في ذلك بحسب مسؤولين في البحر الأحمر إلى تأخر التعاقد مع شركة متخصصة في الإدارة والتشغيل، واستمرار هذا الوضع لا يحرم المحافظة فقط من العوائد الاقتصادية والصحية المباشرة، بل يهدد أيضًا بإهدار استثمار ضخم كان من الممكن أن يسهم في تطوير صناعة اللحوم وتحسين مستوى الصحة العامة.

أما في مدينة الشلاتين، فقد اكتمل المجزر الآلي بعد أكثر من سبع سنوات من العمل بتكلفة تجاوزت 120 مليون جنيه على مساحة 63 ألف متر مربع، وهو مُجهز بطاقة استيعابية تصل إلى 800 رأس غنم و200 رأس جمل يوميًا، ويضم المشروع حظائر واسعة، ومباني للتبريد، وخزانات مياه، وشبكات صرف، ومباني إدارية، وكان من المتوقع أن يمثل نقلة نوعية للمدينة التي تُعتبر مركزًا رئيسيًا لتربية الإبل واستيرادها، لكن غياب التشغيل حتى اليوم أجبر المربين والجزارين على نقل مواشيهم لمسافات طويلة خارج المنطقة، مما يزيد من تكاليف النقل ويستنزف الجهد والوقت.

عبّر أهالي مدينة الغردقة والشلاتين والجزارون عن استيائهم من استمرار عدم تشغيل المجزرين، معتبرين أن الوضع الراهن يمثل “إهدارًا للمال العام”.

أكد عبدالله أحمد، أحد الجزارين في الغردقة، أن المجزر الجديد يوفر بيئة نظيفة وآمنة للذبح، ويحقق أقصى درجات السلامة الغذائية، والمنشآت مكتملة وجاهزة للتشغيل بدلاً من المجزر القديم المتهالك بشارع السلام، مشيرًا إلى أن تشغيل المجزر الجديد سيساهم بشكل كبير في تخفيف الأعباء ويخلق أسواقًا جديدة للحوم، فمجزر الغردقة قادر على تحويل المخلفات الحيوانية إلى منتجات ذات قيمة مضافة مثل الأسمدة والعلف، مما يدعم الزراعة والاستزراع السمكي، بينما يمكن لمجزر الشلاتين أن يحول المدينة إلى مركز اقتصادي زراعي وصناعي، ويخلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، ويشجع الصناعات المرتبطة مثل الجلود والأسمدة والنقل والتبريد، وطالب الأهالي والجزارون بوضع جدول زمني محدد لافتتاح المجزرين وكيفية إدارتهما لضمان استدامة العمل وتعظيم العائد.

فيما أكد مسؤولو محافظة البحر الأحمر أنه سيتم افتتاح وتشغيل مجزر مدينة الشلاتين الآلي خلال الفترة المقبلة حتى وإن لم يتم التعاقد مع شركة لإدارة وتشغيل المجزر، وذلك من خلال إسناد عمليتي الإدارة والتشغيل لمديرية الطب البيطري بالمحافظة، بالإضافة إلى أن افتتاح المرحلة الأولى للمجزر الآلي بالغردقة سيكون خلال الشهرين القادمين، بالإضافة إلى إغلاق المجزر التقليدي القديم بمنطقة شارع السلام ونقل عمليات الذبح للمجزر الآلي الجديد.