حذر الدكتور تامر شوقي، أستاذ علم النفس التربوي بجامعة عين شمس، من اعتماد بعض الطلاب على شات «جي بي تي» في حل الواجبات المدرسية، حيث أكد أن الواجبات تعتبر ركيزة أساسية في العملية التربوية ولها أهداف تعليمية مهمة للغاية.

وأوضح شوقي لـ «إقرأ نيوز»، أن الواجبات المدرسية تساعد الطالب على متابعة دروسه بشكل دوري، وتمنعه من تأجيل المذاكرة حتى نهاية العام، كما تكشف نقاط القوة والضعف في تحصيله، مما يوجهه لمراجعة الأجزاء التي لم يستوعبها جيدًا، مضيفًا أن حل الواجبات يعزز شعور الطالب بالالتزام والمسؤولية تجاه المدرسة، ويؤهله ذهنيًا ودراسيًا لاستقبال الدروس الجديدة المبنية على ما سبق.

وأشار أستاذ علم النفس التربوي إلى أن الواجبات تعد وسيلة لتقليل غياب الطلاب عن المدرسة، إذ تحفزهم على متابعة الحصص، فضلًا عن كونها مؤشرًا مهمًا لمستوى الطالب بالنسبة للمعلم وولي الأمر، وشدد على أن الأصل هو أن يقوم الطالب بحلها بنفسه اعتمادًا على شرح المعلم أو الوسائل التعليمية المتاحة.

وحول لجوء بعض الطلاب لاستخدام شات جي بي تي في إنجاز واجباتهم، قال شوقي، على الرغم من أن هذه الأدوات قد تساعد في تنمية بعض المهارات مثل تنظيم المعلومات أو الاطلاع على وجهات نظر متعددة، إلا أن استخدامها في حل الواجبات الدراسية يقضي على أهدافها التربوية الحقيقية.

وأكد أن هذا الأمر يعطل القدرات العقلية للطالب ويزيد من اعتماده على الغير، مما يفقده القدرة على التفكير المستقل، كما يرسخ لدى الطلاب قيمًا سلبية مثل الغش والخداع، ويعطي مؤشرًا غير حقيقي عن مستواهم الدراسي، خاصة أن بعضهم ينقل الإجابات كما هي دون حتى قراءتها أو محاولة فهمها.

واعتبر شوقي أن الأضرار الناجمة عن هذا السلوك تفوق بكثير فوائده، موضحًا أنه حتى لو كانت النتائج ممتازة، فإن اعتماد الطالب على قدراته المتوسطة في حل الواجبات بنفسه يعد أفضل تربويًا وتعليميًا، وأشار إلى أن هذه الأدوات قد تكون مفيدة أحيانًا مع الطلاب المتفوقين، الذين يعرفون الإجابات بالفعل ويمكنهم استخدامها للتحقق أو تحسين صياغاتهم، ولكنه نبه إلى أنها لا تصلح مطلقًا للطلاب الضعاف، الذين يفتقدون الأساسيات، حيث يصبح اعتمادهم عليها ضارًا بمستقبلهم التعليمي.

وتابع أستاذ علم النفس التربوي بجامعة عين شمس، أن استخدام هذه الأدوات في حل الواجبات المدرسية قد يمثل ظاهرة تهدد مستقبل الطلاب التعليمي والتربوي، موضحًا أن الواجبات المنزلية لها دور محوري في العملية التربوية، فهي تتيح للطالب متابعة دروسه أولًا بأول، وتساعده على تحديد نقاط القوة والضعف في تحصيله، كما تنمّي شعوره بالالتزام والمسؤولية تجاه المدرسة، وتجعل عقله مستعدًا لاستقبال الدروس الجديدة المبنية على ما سبق.

فيما أكد شوقي أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في حل الواجبات يفقد العملية التربوية معناها، حيث يعطل القدرات العقلية للطالب ويجعله أكثر اعتمادًا على الغير، مضيفًا أن الأخطر هو أن بعض الطلاب ينقلون الإجابات كما هي دون حتى قراءتها أو محاولة فهمها، مما يفرغ الواجبات من مضمونها.

وأشار شوقي إلى أن هذه الممارسات تخلق موازين غير عادلة داخل الفصول الدراسية، إذ قد يحصل الطالب الضعيف الذي يعتمد على الذكاء الاصطناعي على درجات أعلى من زميله المتفوق الذي يعتمد على نفسه فقط في حل الواجبات، مما يحبط المجتهدين ويشوه مبدأ تكافؤ الفرص.

واستطرد قائلًا إن استخدام الذكاء الاصطناعي يحول دون تقديم مؤشرات دقيقة تعكس مستوى الطالب، حيث يوحي بأنه متمكن من المادة بينما هو يعاني من نقاط ضعف حقيقية، ونتيجة لذلك، تتأخر عملية التدخل التربوي لعلاج هذه الصعوبات حتى تصبح أكثر تعقيدًا وخطورة، محذرًا من خطورة هذا السلوك على المدى البعيد، قائلًا إنه عندما يواجه الطالب الامتحانات النهائية لن يجد الذكاء الاصطناعي بجانبه، وعندها سيكتشف أنه غير قادر على الحل بنفسه، مما قد يعرضه لصعوبات كبيرة تصل إلى الرسوب أو الفشل الدراسي.

اطلع أيضًا: