يعد خليج «مرسى مبارك»، الموجود جنوب مدينة مرسى علم، واحدًا من أغنى المواطن الطبيعية في البحر الأحمر، حيث تستقطب السلاحف البحرية وعرائس البحر «الأطوم» بشكل دوري للتغذية على الأعشاب البحرية، مما يجعله وجهة مميزة للسياح والغواصين من مختلف أنحاء العالم.
تتجلى أهميته في كونه كنزًا بيئيًا نادرًا وموطنًا لكائنات مهددة بالانقراض، بالإضافة إلى كونه نقطة جذب سياحي رئيسية، فالسلاحف البحرية وعرائس البحر ليست مجرد مخلوقات جميلة، بل تلعب دورًا أساسيًا في استقرار النظام البيئي، حيث تساهم في الحفاظ على صحة المراعي البحرية وتمنع تدهور النظام الغذائي في البحر الأحمر، ووجودها يعد مؤشرًا على سلامة البيئة البحرية، بينما غيابها يعني حدوث خلل كبير في التوازن البيئي وخسارة لأحد أهم عناصر الجذب السياحي.
ومع ذلك، يواجه هذا الموقع الفريد مخاطر متزايدة بسبب الضغط السياحي غير المنظم والتصرفات البشرية غير المسؤولة، خصوصًا في مطاردة السلاحف وعرائس البحر، ففي بعض الأيام تتراصف اللنشات السياحية في عدة صفوف متجاورة، مما يشكل تهديدًا مباشرًا لحياة الكائنات البحرية، فمحركات اللنشات تسبب ضوضاء وتلوث كيميائي وميكانيكي يربك حركة السلاحف والأطوم، مما يعرضها للاصطدام أو النفوق، إضافة إلى تدمير المراعي البحرية التي تُعد غذاءها الرئيسي.
وحذر أيمن طاهر، أحد خبراء البيئة البحرية، من أن استمرار الوضع الحالي والنشاطات البحرية المكثفة قد يؤدي إلى نتائج كارثية، مثل هروب الكائنات من الخليج أو نفوقها بشكل جماعي، مما سيؤثر سلبًا على سمعة مرسى مبارك كوجهة سياحية بيئية عالمية، وأوضح أن السلاحف والأطوم من الكائنات البطيئة والحساسة جدًا تجاه الضوضاء والاقتراب المفاجئ، مما يجعلها عرضة للخطر عند أي نشاط بحري مكثف.
وطالب طاهر منظمي الرحلات البحرية بضرورة التدخل العاجل لتنظيم النشاط السياحي داخل الخليج، من خلال تحديد العدد اليومي المسموح به من اللنشات السياحية، وإنشاء مناطق انتظار آمنة خارج نطاق المراعي البحرية، والتوسع في استخدام الشمندورات البيئية لرسو اللنشات بدلًا من إلقاء المراسي بشكل عشوائي، كما دعوا إلى تشجيع استخدام القوارب الصديقة للبيئة التي تعتمد على محركات أقل إزعاجًا أو طاقة نظيفة، وإلزام المراكب بوجود مرشد بيئي يوجه السياح إلى طرق مشاهدة الكائنات دون إزعاج، مؤكدًا أن المحركات تمثل تهديدًا مباشرًا لحياة السلاحف والأطوم التي تتردد على الخليج للغذاء والتكاثر، وأن هذه الكائنات بطيئة الحركة وحساسة للغاية تجاه الضوضاء والملوثات، مما يجعلها أكثر عرضة للإصابة أو النفوق، وأضاف أن فقدان هذه الكائنات من الخليج لن يكون مجرد خسارة بيئية، بل خسارة اقتصادية وسياحية كبيرة، إذ يعد وجودها عنصر الجذب الأول للسياح والغواصين.
وأكد الدكتور أشرف صديق، أستاذ البيئة البحرية والأسماك والمصايد بمعهد علوم البحار بالغردقة، أن السلاحف البحرية وعرائس البحر ليست مجرد عناصر جذب سياحي، بل هي جزء أساسي من التوازن البيئي في البحر الأحمر، حيث تحافظ على نمو الأعشاب البحرية وتمنع اختلال السلاسل الغذائية، ووجودها يعد مؤشرًا على سلامة النظام البيئي، وحمايتها تعني الحفاظ على التنوع البيولوجي وضمان استدامة النشاط السياحي الذي تعتمد عليه المنطقة، وأن الحل يكمن في وضع خطة متكاملة لإدارة مرسى مبارك، تشمل إعلان الخليج موقع تراث طبيعي أو محمية جزئية تخضع لقواعد صارمة، وإشراك مراكز الغوص والقطاع السياحي في منظومة الرصد البيئي، وفرض رسوم بيئية رمزية تخصص لصيانة الموقع وتمويل مشروعات الحماية، إضافة إلى تنظيم برامج توعية للسياح حول أهمية الكائنات البحرية وكيفية التعامل معها، وإنشاء وحدة دائمة لمراقبة الخليج تابعة لمحميات البحر الأحمر مزودة بأدوات متابعة ورصد علمي.
وأكد مسؤولو محميات مرسى علم أن حماية خليج مرسى مبارك تمثل أولوية قصوى ضمن خطة الحفاظ على المواطن الطبيعية النادرة في البحر الأحمر، مشيرين إلى أن الخليج يُعد موطنًا رئيسيًا للسلاحف البحرية والأطوم، وهما من الكائنات المهددة بالانقراض عالميًا.
وأوضحوا أن الإدارة تتابع بشكل دوري الأوضاع البيئية بالتنسيق مع الغواصين ومنظمي الرحلات البحرية، مع وجود مقترحات عملية يتم العمل على تنفيذها لتنظيم حركة اللنشات ووضع ضوابط صارمة تضمن استمرار النشاط السياحي دون الإضرار بالكائنات البحرية أو بيئتها الطبيعية، كما شددوا على أن تعاون مراكز الغوص والعاملين بالأنشطة البحرية مع الجهات الرسمية هو الضمان الحقيقي لنجاح جهود الحماية والحفاظ على مكانة مرسى مبارك كأحد أهم مواقع السياحة البيئية في مصر والعالم.
واقترح خبراء البيئة البحرية وضع خطة إدارة الموقع وخطة إدارة متكاملة لخليج مرسى مبارك تتضمن إعلان المنطقة «محمية جزئية أو موقع تراث طبيعي» يخضع لضوابط بيئية صارمة، وإشراك مراكز الغوص والقطاع السياحي في الرقابة والرصد البيئي المستمر، وفرض رسوم بيئية رمزية تخصص لصيانة الموقع وتمويل مشروعات الحماية، مع تنفيذ برامج توعية للسياح بأهمية هذه الكائنات وطرق مشاهدتها دون إزعاج، وإنشاء وحدة دائمة لمراقبة الموقع مزودة بأدوات متابعة ورصد علمي.
وأكدوا على أن حماية هذه الكائنات البحرية التي تعد ثروات طبيعية وأحد أعمدة السياحة البيئية في البحر الأحمر ليست رفاهية، بل ضرورة ملحّة لضمان استدامة الموارد الطبيعية والحفاظ على سمعة مصر كوجهة سياحية عالمية.
إن حماية السلاحف البحرية وعرائس البحر في مرسى مبارك اليوم تعني حماية مستقبل السياحة في البحر الأحمر، وضمان أن يبقى هذا الخليج كنزًا بيئيًا يضيء للأجيال القادمة.