أعلن شريف فتحي، وزير السياحة والآثار، عن قرار بإخضاع أربع مواقع أثرية تقع في منطقة «جبل الدخان»، التي تبعد حوالي 50 كم شمال غرب الغردقة في محافظة البحر الأحمر، لقانون حماية الآثار، وذلك بناءً على مذكرة قدمها الدكتور محمد إسماعيل، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، بالتعاون المستمر مع الإدارة العامة للآثار المصرية بالبحر الأحمر ورئاسة قطاع الآثار المصرية.

وفي هذا السياق، أوضح عبدالرحيم الجامعي، مدير عام آثار البحر الأحمر، أنه خلال عام 2025 تم إخضاع موقعين أثريين مهمين في المحافظة، ومن ضمنها مواقع جبل الدخان ومستوطنة عمال الذهب الأثرية بمنجم السكري، مشيرًا إلى أن هذه المواقع كانت تعد من أبرز مناطق التعدين في العصور القديمة.

وتضمن قرار وزير السياحة والآثار، وفقًا لعبدالرحمن الجامعي، أربعة مواقع محددة في منطقة جبل الدخان، حيث يشمل الموقع (أ) بقايا قرية برادفورد والمستوطنة الرئيسية لمحاجر البروفير بوادي معمل على مساحة 100 فدان، بينما يضم الموقع (ب) قرية الممشى، وقرية ليكابيتوس، والقرية الشمالية الغربية، والقرية الجنوبية الغربية، على مساحة 285 فداناً، أما الموقع (ج) فيحتوي على رصيف التحميل والممشى على مساحة 10 أفدنة، وأخيرًا الموقع (د) الذي يضم بئر بديع ومستوطنة عمال على مساحة 10 أفدنة.

وبحسب المذكرة الإيضاحية والخريطة المساحية وكشف الإحداثيات، التي حصلت عليها المصري، فإن هذه المواقع تخضع لأحكام المادة (20) من قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، وتشير الدراسات الأثرية إلى أن القرية الجنوبية الغربية تبعد 3 كم عن وادي معمل، وتحتوي على أكثر من 100 غرفة بالمستوطنة، بالإضافة إلى محجر راميوس وخزان، وقد تم اكتشافها عام 1990، وتعود فترة إشغالها إلى ما بين 51م و225م، بينما تحتوي القرية الشمالية الغربية على مستوطنة عمال منظمة في بلوكات وكوخ للحدادة وبقع تحجير، وقد زارها المستكشفان ويلكنسون وبيرتون عام 1823م، وتعود فترة إشغالها إلى ما بين 420م و51م، وتشمل المنطقة أيضًا «قرية القدم»، وهي قرية صغيرة تحتوي على محجر اكتشف فيه حجر ضخم على شكل قدم عام 1996، وفترة إشغالها تعود إلى (أم – 50م)، كما تشمل محطة القدم حصنًا صغيرًا يُعتقد أنه أنشئ لحماية المستوطنات والمحاجر في الفترة من 400م – 51م، بالإضافة إلى أبراج مراقبة منتشرة لتأمين الموقع من غارات البدو.

وقد وافقت اللجنة الدائمة للآثار المصرية على إخضاع هذه المواقع الأربعة لجبل الدخان لأحكام القانون، بعد مراجعة محضر اجتماعها والمذكرة العلمية المقدمة، وتم رفع الموافقة إلى وزير السياحة والآثار حتى صدر قرار إخضاع هذه المنطقة لحماية الآثار رقم 495 لسنة 2025، كما قامت لجنة من المجلس الأعلى للآثار بمعاينة ميدانية للمواقع، تنفيذًا لتوجيهات الدكتور محمد إسماعيل، في إطار اهتمام المجلس بحصر وتوثيق المواقع الأثرية وضمها لقانون حماية الآثار، مع تسليط الضوء على المدن الرومانية القديمة بالصحراء الشرقية، وإعداد خطط لتطويرها وتهيئتها للزيارة بالتعاون مع محافظة البحر الأحمر.

وتبرز أهمية محاجر جبل الدخان كمصدر لحجر «السماق الإمبراطوري» أو «البروفير الملكي»، الذي تم استخراجه منذ بداية العصر الروماني وحتى القرن الخامس الميلادي، وكان مخصصًا حصريًا للأباطرة، ويتميز الحجر بألوانه النادرة من الأسود والبنفسجي الفاتح والغامق والأحمر الداكن، ويحتوي وادي جبل الدخان على بقايا معبد صغير، مدينة عمال، مقابر، قلاع رومانية، مناجم ذهب، عيون مياه عذبة، أشجار تين ونخيل، وكهوف قبطية، بالإضافة إلى 11 نقطة تفتيش رومانية كانت تؤمن الطريق القديم بين البحر الأحمر والصعيد، وقد استخدم الرومان المنطقة كمحجر رئيسي لتصدير الحجر عبر ميناء صغير يعرف بـ «حصن أبوشعر»، حيث نُقلت الأحجار إلى وادي قنا ثم إلى النيل وصولاً إلى الإسكندرية ومن ثم إلى روما.

ومن أبرز ما تم صنعه من هذا الحجر 12 عمودًا في كابيتول روما، بالإضافة إلى نوافير وتوابيت لا تزال محفوظة في متحف الفاتيكان، وحوض تعميد شهير في كاتدرائية ماجدبيرج بألمانيا، بينما لا تزال بالمكان بقايا خمسة أعمدة جرانيتية وتيجانها ومذبح ولوحة منقوشة باسم أحد الأباطرة الرومان في 38م، وتعتبر المنطقة من أبرز مواقع إنتاج الرخام الإمبراطوري، حيث جُلبت أحجارها لتزيين معابد وقصور أوروبا القديمة، ويعود تاريخها إلى القرن الثالث الميلادي في عصر الإمبراطور دقلديانوس، كما أنها غنية بالنباتات الطبية والطيور النادرة، مما يجعلها وجهة سياحية مميزة تصلح للإدراج ضمن برامج السفاري، شريطة ترميم معبدها الروماني عبر بعثات متخصصة وتجهيزها لاستقبال الزوار.

وأشارت الدراسات إلى أن جبل الدخان، بما يحتويه من مدن رومانية، قلاع، مناجم، وعيون طبيعية، يمثل كنزًا أثريًا وسياحيًا لم يُستغل بعد، ويحتاج إلى حماية عاجلة من الاندثار، وتطوير مدروس يساهم في تنشيط السياحة وزيادة الدخل القومي، ويضع المنطقة على خريطة المزارات العالمية.

وكانت إقرأ نيوز قد نشرت عدة تقارير صحفية تطالب بضم منطقة جبل الدخان غرب الغردقة وإخضاعها لقانون حماية الآثار، لحمايتها من السرقة والاندثار، وإعدادها للزيارات السياحية، والحفاظ على ما تبقى من الآثار الرومانية في هذه المنطقة.