أثار قرار الدكتور مصطفي مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، بتعديل سياسة مدة التأشيرات، والذي بدأ تطبيقه منذ 20 سبتمبر الجاري، ردود فعل إيجابية بين الأجانب المقيمين في مدينة الغردقة، حيث تم رفع مدة الإقامة لحاملي تأشيرة الدخول المتعدد من 90 يومًا إلى 180 يومًا لكل زيارة، مما أضفى شعورًا بالراحة والاستقرار.
يرى العديد من الأجانب المقيمين في الغردقة وخبراء السياحة أن هذه الخطوة تمثل تحولًا مهمًا في استراتيجية مصر لدعم السياحة والإقامة الطويلة، وجذب الاستثمارات الأجنبية، بما يتماشى مع خطط الدولة لتوسيع الطاقة الفندقية إلى 500 ألف غرفة بحلول عام 2031.
وتوقع المهندس هدرا مسعد، صاحب شركة تطوير عقاري، أن يكون لقرار مجلس الوزراء هذه التحولات في مدة الإقامة والتأشيرات تأثير إيجابي على قطاعات متعددة، أهمها العقارات وشراء المساكن، حيث من المتوقع أن يشهد الطلب من الأجانب على الشراء أو الإيجار زيادة ملحوظة، كما أن الخدمات الصحية قد تتطور لتلبية احتياجات المقيمين لفترات طويلة، بالإضافة إلى التعليم الدولي الذي سيصبح أكثر جذبًا للأسر الوافدة، كما أن التوسع في مشروعات السياحة المستدامة سيمنح المدينة ميزة تنافسية إضافية في سوق عالمي يتجه نحو الوجهات الصديقة للبيئة وسياحة الإقامة الطويلة.
وأكد الخبير السياحي عبدالنبي أبو الحسن أن التسهيلات الجديدة للإقامة ستساهم في تحول الغردقة تدريجيًا إلى مدينة دولية لسياحة الإقامة الطويلة والمستثمرين الأجانب، على غرار مدن متوسطية مثل أليكانتي في إسبانيا أو أنطاليا في تركيا، ومع وجود مناخ معتدل وبنية تحتية سياحية متطورة، وأسعار عقارات وخدمات أقل بكثير من أوروبا، فإن الغردقة مؤهلة لتصبح وجهة مفضلة للآلاف من الأوروبيين الباحثين عن الإقامة الطويلة بأسلوب حياة مريح وآمن، حيث إن قرار مد فترة التأشيرة إلى 180 يومًا يعزز من جاذبية الغردقة كوجهة للسياحة والإقامة طويلة الأمد، مما سينعكس إيجابيًا على الاقتصاد من خلال زيادة إنفاق الأجانب وتحفيز الاستثمارات، كما سيساهم اجتماعيًا في خلق فرص عمل جديدة وتنشيط الأسواق، أما ثقافيًا، فإن التعايش بين جنسيات متعددة داخل الغردقة سيعزز من صورة المدينة كفضاء عالمي مفتوح يجمع بين الشرق والغرب.
وأوضح بدوي عبد الكريم، مرشد سياحي بالغردقة، أن التعديلات الجديدة التي أقرها مجلس الوزراء تمنح لحاملي تأشيرة الخمس سنوات مرونة أكبر في الإقامة والتنقل، مما يتيح الفرصة لفئات عديدة من الأجانب المقيمين للاستفادة، بدءًا من السياح الراغبين في الإقامة الطويلة، مرورًا بالمستثمرين والمغتربين والمتقاعدين، وصولًا إلى مسافري الأعمال الذين يفضلون الغردقة كنقطة استقرار وإقامة، مما يعزز من تجربة الإقامة ويمنحها طابعًا أكثر تنظيمًا وراحة واستقرارًا للأجانب، واعتبر أن مدينة الغردقة تُعد واحدة من أهم المدن السياحية على البحر الأحمر وأكثرها جذبًا للأوروبيين وأهم المدن استفادة من القرار.
عبر الكثير من المقيمين عن سعادتهم بالقرار، مؤكدين أن التمديد سيسهل حياتهم اليومية ويجنبهم الإجراءات المتكررة الخاصة بتجديد الإقامة أو السفر خارج البلاد كل بضعة أشهر، وأن السياسة الجديدة ستمنحهم شعورًا أكبر بالاستقرار والانتماء، مما يشجعهم على الاستثمار في مشروعات صغيرة أو متوسطة داخل المدينة، سواء في قطاع السياحة أو الخدمات.
أكدت مونيكا شتاينر، متقاعدة ألمانية تقيم في الغردقة منذ خمس سنوات، أن القرار أصبح بمثابة هدية حقيقية لهم، حيث كانوا يعانون دائمًا من ضيق الوقت وضرورة تجديد الإقامة كل ثلاثة أشهر، والآن أصبح بإمكانهم العيش براحة أكبر، والتفكير بجدية في شراء منزل دائم هنا.
أما أليكسندر كوزلوف، رجل أعمال روسي يقيم بالغردقة، فقد أكد أن التمديد للإقامة سيساعده في التوسع بمشروعاته، حيث يدير مشروعًا منذ عامين، والآن يمكنه العمل بثبات أكبر دون قلق من التأشيرات، مما يشجعه على زيادة الاستثمار في المدينة.
أكدت إيلينا ماركوفا، سيدة بلغارية، أن القرار سيخفف أعباءً كثيرة كانوا مضطرين للسفر بشكل متكرر لتجديد الإقامة، وهو ما كان يكلفهم وقتًا وأموالًا، ولكن الآن يشعرون بالاستقرار وكأنهم في وطنهم الثاني.
من جانبه، أكد الخبير السياحي سيد الجابري، رئيس غرفة شركات السياحة بالبحر الأحمر، أن القرار بمد تأشيرات الأجانب يحمل آثارًا إيجابية مباشرة، حيث تعني الإقامة الطويلة إنفاقًا أكبر من قبل الأجانب على السكن والمطاعم والأنشطة الترفيهية، كما أنها تفتح الباب أمام دخول رؤوس أموال جديدة من خلال استثمارات مباشرة أو مشروعات صغيرة يديرها المقيمون.
وأشار الجابري إلى أن الغردقة تحديدًا مؤهلة للاستفادة بأقصى قدر من القرار، نظرًا لتنوع جنسيات المقيمين فيها من ألمان وإنجليز وروس وبولنديين وغيرهم، لافتًا إلى أن هذه الخطوة تضع مصر في مصاف الدول التي تقدم تسهيلات واسعة للأجانب، مثل تركيا والإمارات واليونان، لكنها في الوقت ذاته تمنح ميزة تنافسية إضافية بفضل الطبيعة الفريدة للبحر الأحمر وتكلفة المعيشة المناسبة.
تشير الإحصاءات التقريبية عن المقيمين الأجانب بالغردقة إلى وجود ما يقارب 25 ألف مقيم أجنبي دائم أو شبه دائم، ينتمي معظمهم إلى دول أوروبا الشرقية والغربية، وتتصدر الجالية الروسية القائمة، يليها الألمان ثم الأوكرانيون والبولنديون، بالإضافة إلى مئات المقيمين من جنسيات بريطانية وإيطالية وتشيكية، كما تستقطب المدينة متقاعدين أوروبيين يفضلون المناخ الدافئ وتكلفة المعيشة المنخفضة مقارنة ببلادهم، إلى جانب رجال أعمال ينشطون في قطاعات السياحة والخدمات والعقارات.